فيض الخاطر.. موسى زينل والريادة الثقافية
برحِيل موسى زينل فَقدَت قطر أحد أبرز رواد الفن المسرحي وأحد رموز الثقافة ليس في قطر فقط بل وفي الخليج والبلاد العربية أيضًا، وقد عاش الراحل حياة حافلة بالإنجازات المسرحية والثقافية البارزة من خلال شغفه بالثقافة، ومن خلال توليه لمناصب ثقافية صقلت موهبته، وأثرت تجربته، ليحقق بروزًا لافتًا في الوسط الثقافي العربي، وخلال مسيرته التعليمية والعملية أثبت جدارته بهذه المكانة الرفيعة التي احتلها في قلوب محبيه وعارفيه، ومن جَمَعتهُم به فرص العمل للاستفادة من ثقافته وعشقه للمسرح، الذي بدأت عنايته به منذ أن كان طالبًا في المعهد الديني، ثم معيدًا في جامعة قطر عند افتتاحها عام 1973 ثم مبتعثًا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، حيث تعرف هناك على مدارس المسرح الحديث، وأبرز رموزه من فنانين تركوا بصماتهم الواضحة في تاريخ المسرح العربي، ثم عودته إلى قطر ليتولى مناصب ثقافية ومنها بدأت بالتعليم قبل أن ترسو سفينته على مرافئ الثقافة، ليتولى إدارة الثقافة بوزارة الإعلام، وحينها عني بالمسرح ليواصل جهوده في هذا المجال بدعم الفرق المسرحية، وتأسيس المهرجانات المسرحية حتى بلغ المسرح أوج نشاطه قبل أن يبدأ رحلة التراجع عن مكانته المرموقة مقارنة بالمسرح في بلدان أخرى، يوم كان الدعم كبيرًا للمسرح، ومهرجاناته وبعثاته نشطة وفعالة.
وبعد بلوغه التاسعة والسبعين من عمره ترجل الفارس موسى زينل بعد أن أسهم في وضع أسس ثقافية أصيلة تقطف ثمارها الأجيال الجديدة، التي ما زالت تستقي من مدرسة الرواد ما يساعدها على الاستمرار والتطور.
وقد رثى الراحل موسى زينل زملاؤه من المسؤولين والمسرحيين والمؤسسات المسرحية في الداخل والخارج ممن كانوا شهودًا على عمق ثقافته، أو شركاء في نجاحاته المسرحية والثقافية، حيث نعته اللجنة الدائمة للمسرح في مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقولها: تتقدم اللجنة الدائمة بخالص العزاء في وفاة رائد المسرح الخليجي الأستاذ موسى زينل رحمه الله، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
كما نعت الفقيد الهيئة العربية للمسرح، عبر موقعها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت في تغريدة: تشاطر الهيئة العربية للمسرح الفنانين في قطر والوطن العربي أحزانهم في رحيل الأستاذ موسى زينل. ورثاه رفيق طفولته وشبابه د. حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث، ورئيس مكتبة قطر الوطنية: اليوم بوفاة المرحوم انطفأت شمعة مضيئة من شموع الثقافة والمسرح القطري والعربي، وأسدل الستار على حياة كانت مليئة بالإبداع، وها أنا اليوم في لوعة لفقدانه فالقلب حزين بغيابه، وسيبقى خالدًا بسيرته وبأعماله النبيلة وبسمعته الناصعة، وبروحه المرحة. كل من عرفه لا ينساه، ففي هذا اليوم يحزن المسرح القطري ويحزن المثقفون القطريون والعرب على خسارة قامة ثقافية بارزة.
رحم الله الفقيد، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.