تقرير- محروس رسلان:
توقّعتِ الاستراتيجيةُ الوطنيةُ الثانيةُ للأمن السيبراني 2024-2030، أنْ يبلغَ حجمُ سوق الأمن السيبراني في قطر 1.6 مليار دولار بحلول عام 2026 بزيادة سنويّة قدرُها 12.7%، حيث قدر سوق الأمن السيبراني الخاص بها بمبلغ مليار دولار في عام 2022.
ونوَّهت الاستراتيجيةُ حسب الكتاب الذي يتضمن كافةَ المعلومات حولها بأن دولة قطر تشجّع بنشاط تطوير صناعة الأمن السيبراني المحلية والبحوث الرقْمية وبرامج الابتكار السيبراني، وأنشأت الحكومةُ مراكزَ بحوثٍ متخصصة في الأمن السيبراني، كما توفر التمويل لدعم البحث والابتكار فيه، إضافةً إلى اهتمامها بتوفير أحدث المرافق وخِدمات الدعم للشركات الناشئة، والمشاريع التكنولوجية، وشركات التكنولوجيا العالمية، فضلًا عن تخصيص مركز لتحديد ناقلات التهديدات الجديدة، وتطوير حلول الأمن السيبراني المصممة خصيصَى لتلبية الاحتياجات الوطنية وتعزيز القدرات.
وكانت الوكالةُ الوطنيّةُ للأمن السيبراني قد أطلقت الأسبوع الماضي الاستراتيجيةَ الوطنيةَ للأمن السيبراني 2024- 2030؛ لدعم المجتمع القطري الطموح في مواكبة التطوّر التكنولوجي الذي يشهدُه عالمنا من خلال مبادئها وأهدافها التي تنبثقُ من رؤية قطر الوطنية 2030، وذلك لتحقيق الرؤية الوطنية للدولة. ويتّسمُ تصميمُ الاستراتيجية بمراعاة الابتكار والقدرة على التكيّف لتكون ذات قدرة على مواجهة التهديدات السيبرانيَّة المتطوّرة والمتزايدة.
ومن منطلقِ الحرصِ على حماية الأصول الرقْمية والسيادية لدولة قطر «وَفقًا للاستراتيجيَّة الوطنية للأمن السيبراني 2024-2030»، يتمُّ توظيف أفضل الخبرات والكفاءات والتقنيات المتوفّرة، وإقامة شراكات فعّالة لتبادل المعلومات والخبرات مع الجهات العامة والخاصة المحليَّة والدولية، إلى جانب توفير البيئة المُناسبة؛ لاستقطاب أفضل الكوادر المتخصصة بالأمن السيبراني وتدريبها وتطويرها.
وتسعى الاستراتيجيةُ الوطنيةُ للأمن السيبراني التي تَنشر الراية أهمَّ ملامحها إلى حفظ الأصول الرقْمية للدولة، ووضع دولة قطر في طليعة المُساهمين في تطوير الأمن السيبراني على الساحة الدوليَّة.
30 مؤسسةً
استنادًا إلى أنَّ الأمن السيبراني مسؤولية مشتركة، فإنَّ الاستراتيجيةَ في نسختِها الثانية «2024-2030» تدعو لتوحيد جهود المؤسَّسات والأفراد في دولة قطر، حيث اعتمدت على الجهود والنّجاحات السابقة، مستندةً إلى مدخلات قدّمتها أكثر من 30 مؤسسةً من الهيئات الحكومية والشركات والأوساط الأكاديمية، بالإضافة إلى أنها تتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030، وتساهم في تحقيقها.
رفع الوعي
وقد سبق إعدادَ الاستراتيجية جهودٌ كبيرة بذلتها الدولة وصولًا إلى تلك المخرجات التي تضمنتها الاستراتيجية، حيث أدركت دولة قطر مبكرًا أن الأمن السيبراني، يهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية المؤسسات والأفراد من ناحية، والاستفادة من فرص التحول الرقْمي من ناحية أخرى، ومن ثم نجح النهج القطري الذي يتميز بالثبات والاستباقية والشمول في إنشاء الفريق القطري للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي عام 2005، ونشر أول استراتيجية وطنية للأمن السيبراني عام 2014، بالإضافة إلى وضع قوانين وتنظيمات لتأمين الفضاء السيبراني، وإنشاء مركز الأمن السيبراني، في وزارة الداخليَّة. كما عملت دولةُ قطر على زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا الناشئة والبحوث والابتكار، وتنفيذ مبادرات لزيادة الوعي والمعرفة بشأن الأمن السيبراني، وإبرام العديد من الشراكات الإقليمية والدولية؛ بهدف رفع مستوى جاهزية الأمن السيبراني في الدولة.
تكلفة التهديدات السيبرانيَّة
وتسلطُ الاستراتيجيةُ في صفحاتِها الأولى الضوءَ على التداعيات والخسائر الناتجة عن الهجمات والتهديدات السيبرانية على الصعيد العالمي، حيث تتزايد وتتنوّع تلك الهجمات التي يحتالُ القائمون بها في استخدام أدوات متطورة، موسّعين نطاقَ أهدافهم.
فلم تعدِ الهجماتُ مُقتصرةً على بيئات تكنولوجيا المعلومات فقط، بل بيئات التكنولوجيا التشغيلية، مستخدمةً طرقَ هجومٍ يصعبُ الكشف عنها أو التنبّؤ بها.
وعلى الصعيد العالميّ، قُدر متوسط تكلفة الهجمات باستخدام برمجيات الفدية بنحو 4.34 مليون دولار في العام 2022، بينما قُدر متوسط تكلفة اختراقات البيانات بما يعادل 4.35 مليون دولار.
قوانين الفضاء السيبرانيّ
اعتمدت دولةُ قطر قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية رقْم 14 لسنة 2014 والذي يتناول الجرائمَ التي تنطوي على اختراق نظم معلومات الحاسب الآلي وبرامج المعلومات والشبكات والمواقع الإلكترونية.
ومنذ ذلك الحين أصدرت الدولةُ تشريعاتٍ أخرى مهمةً تتعلق بالفضاء السيبراني، مثل: قانون حماية خصوصية البيانات الشخصية رقْم 13 لسنة 2016 والذي ينظم خصوصيةَ البيانات في دولة قطر.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت دولةُ قطر مجموعةً من السياسات والأطر، مثل: سياسة تصنيف البيانات الوطنية، ومعيار تأمين المعلومات الوطنية، والتي تقدم توجيهات بشأن كيفية تنفيذ نظام متكامل لإدارة أمن المعلومات، كما وضعت الدولةُ سياساتٍ ومعاييرَ تغطي مستجدات الأمن السيبراني، في مجالاتٍ، مثل: الأمن السحابي، ونظم التحكم الصناعي، ومعايير دورة حياة تطوير البرمجيات الآمنة.
استقطاب الكفاءات
تتفاقمُ الفجوةُ في القوة العاملة المتخصصة في مجال الأمن السيبراني على الصعيدَين: المحلي والدولي؛ نتيجة عدم قدرة المؤسَّسات على الاحتفاظ بالكوادر والكفاءات المتخصصة في هذا المجال لمدّة طويلة.
وتواجه الدولُ في كل أنحاء العالم تحدياتٍ مرتبطةً باستقطاب خبراء في الأمن السيبراني المؤهلين، والاحتفاظ بهم، وقد قُدر الفرْق بين العرض والطلب على اختصاصيي الأمن السيبراني بما يقارب 2.27 مليون خبير في عام 2021، و3.4 مليون خبير حتى نهاية عام 2022 حولَ العالم. وبالنظر إلى الفجوة الكبيرة في الكوادر المتخصصة في مجال الأمن السيبراني على مستوى العالم من المهم تشجيع الأفراد على العمل في مجال الأمن السيبراني من مرحلة مبكرة، وقد يشكل إشراك الطلاب والشباب في مجال الأمن السيبراني تحديًا للعديد من البلدان بما فيها قطر.