بيت الأمم المتحدة.. نموذج فريد للشراكة الاستراتيجية بين قطر والمنظمة الدولية
الدوحة – قنا :
يؤكد احتضان دولة قطر لبيت الأمم المتحدة على أن الدوحة باتت مركزا للعمل متعدد الأطراف إقليميا ودوليا، ومنبرا موثوقا للحوار والتعاون بين الأطراف الفاعلة لمواجهة التحديات العالمية.
ويمثل بيت الأمم المتحدة في قطر، بما يضمه من مكاتب وهيئات متخصصة تابعة للمنظمة الدولية، نموذجا فريدا وشاهدا على الشراكة الاستراتيجية التي وصلت إلى مستويات متقدمة بين دولة قطر والأمم المتحدة، كما أنه يأتي ثمرة جهود دؤوبة ترتكز على تاريخ طويل من العلاقات الممتدة منذ عقود بين الجانبين.
ولا يعد بيت الأمم المتحدة مجرد مبنى مقام في دولة قطر، بل إنه صرح لتوحيد جهود الوكالات والمؤسسات التابعة للمنظمة الدولية في قطر وخارجها، حيث يجمع هذا البيت الفاعلين في العمل التنموي والإنساني والدبلوماسي تحت سقف واحد، كما أنه يقف شاهدا على الدعم اللامحدود الذي تقدمه دولة قطر من أجل إحداث التغيير المنشود في حياة الملايين حول العالم.
ويتسع بيت الأمم المتحدة، الذي تم افتتاحه في شهر مارس العام الماضي، لـ12 مكتبا لوكالات ومنظمات أممية هامة، منها منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة /يونيسف/ ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /يونسكو/ ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والمركز الإقليمي للتدريب وبناء القدرات في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية.
كما يضم بيت الأمم المتحدة في قطر مركزا للتحليل والتواصل التابع لمكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، وكذلك مكتب الأمم المتحدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومركزا دوليا يعنى بتطبيق الرؤى السلوكية على التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب، وكذلك المكتب المعني بالمشاركة البرلمانية في منع ومكافحة الإرهاب.
ويبرز إنشاء بيت الأمم المتحدة في قطر الكثير من جوانب الشراكة الاستراتيجية بين دولة قطر والمنظمة الدولية، كما أنه يعكس مساهمة دولة قطر وحضورها المؤثر في النموذج الذي تدعو له الأمم المتحدة على المستويات الإقليمية والدولية، وهو نموذج العمل الجماعي متعدد الأطراف، والذي حققت من خلاله الدبلوماسية القطرية نتائج باهرة على مختلف المستويات.
ولعب هذا الصرح الأممي الهام منذ افتتاحه في الدوحة دورا متعاظما في إبراز المكانة الدولية والإقليمية للأمم المتحدة ولدولة قطر، باعتباره مركزا للمبادرات والبرامج التي تهتم بقضايا التنمية والسلام، كما يعد بوابة للعمل الإنساني والدبلوماسي للأمم المتحدة في المنطقة والعالم.
وفي هذا الصدد، قال سعادة السيد أخيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء القطرية، إن بيت الأمم المتحدة بالدوحة يعتبر فرصة هائلة خلقتها دولة قطر لأسرة الأمم المتحدة، مضيفا: وجود بيت الأمم المتحدة في الدوحة يمنحنا إمكانية تواجد موظفينا وخبرائنا في بيئة عمل مثالية، وهو ما يعزز التعاون بين أطراف عدة داخل دولة قطر والمؤسسات التي تعمل أيضا خارج الدوحة، كما أنه فرصة واعدة فيما يتعلق بالتعاون المستقبلي”.
ولوجود بيت الأمم المتحدة العديد من الفوائد التي تعود على طرفي الشراكة، دولة قطر والأمم المتحدة، أبرزها سهولة اتخاذ القرار اللازم، كما أنه يساعد على معرفة المشاريع والبرامج التي تهتم بها دولة قطر وتبذل فيها جهودا مقدرة، ومنها المشاريع التنموية والإنسانية، وهو ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لدولة قطر على الخارطة الإنسانية الدولية، فضلا عن أن الحضور الكبير للمنظمة الدولية بالدوحة يساهم في تحقيق سرعة الاستجابة والتنسيق المحكم بين الجهات المختلفة في دولة قطر ومنظمات الأمم المتحدة، لا سيما وأن دولة قطر والأمم المتحدة تتشاركان في حرصهما على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ودعم جهود التنمية الدولية وتعزيز حقوق الإنسان، وهي ذاتها أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
وتعتبر الجهات ذات الصلة بعمل الأمم المتحدة دولة قطر شريكا هاما للمؤسسات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، كما أن وجود مكاتب لتلك المنظمات والمؤسسات في قطر يساعد على تعزيز وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين ويدعم جهود تقديم المساعدات الإنسانية، لا سيما وأن هذه المكاتب تساعد بشكل كبير في تسهيل آليات تقديم المساعدات وتحديد الاحتياجات المطلوبة وتقديمها في أسرع وقت.
ويساعد وجود بيت الأمم المتحدة في قطر، بما يضمه من مكاتب وهيئات متخصصة تابعة للمنظمة الدولية، في تسريع تنفيذ المشاريع التي تسبقها دراسات ميدانية للاحتياجات الفعلية، فضلا عن الفائدة التي تعود على مؤسسات العمل الإنساني في قطر من وجود الهيئات والمكاتب الأممية بتعزيز قدراتها من خلال التفاعل مع تلك الهيئات وتبادل الخبرات بين الجانبين فيما يتعلق بتسهيل الوصول إلى العديد من مناطق الأزمات حول العالم.
وتركز الأمم المتحدة جل جهدها للعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وتعتمد في ذلك على الدور الاستراتيجي الذي تقوم به دولة قطر في هذا الصدد، ومن هذا المنطلق تحرص على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع دولة قطر من أجل مستقبل التنمية المستدامة، حيث يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع عدد من المؤسسات والجهات في دولة قطر كشركاء استراتيجيين للأمم المتحدة.
وتأتي مبادرة قطر باستضافة المركز الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب كجزء من مكاتب بيت الأمم المتحدة بالدوحة إدراكا منها للحاجة الملحة للعمل الجماعي والمشترك في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتطرف، مع تعاظم وأهمية الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة لتنسيق العمل متعدد الأطراف، وبالنظر إلى ما توفره دولة قطر من بيئة علمية وعملية تعتبر حاضنة ملائمة لمثل هذه المراكز الدولية، كما أن إنشاء المركز يؤكد حرص قطر على مواصلة تعاونها مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب، في توافق كامل مع سياساتها المتمثلة في إدانتها لجميع الأعمال الإرهابية متى وأينما ارتكبت وبغض النظر عن دوافعها ومبرراتها، بما في ذلك استخدام أساليب إرهابية بدوافع عنصرية أو عرقية أو أيديولوجية.
وتعتبر دولة قطر من الأعضاء المؤسسين للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي يقوم بتنسيق مبادرات مع 30 دولة، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا، كما تعد قطر عضوا فاعلا في مركز استهداف تمويل الإرهاب، الذي يضم إلى جانبها جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة الأمريكية، ويهدف لمواجهة المخاطر الجديدة والمتطورة لتمويل الإرهاب.
ويعد المركز الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب واحدا من مشاريع الشراكة الرئيسية الناجحة بين دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومنذ تدشينه عام 2020 كمكتب لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الدوحة، حقق المركز نجاحات واضحة فيما يتعلق بالإرشاد والتوعية وتعزيز جهود مكافحة التطرف والسلوك العنيف حول العالم.
ويؤكد الدعم القطري اللامحدود لجهود الأمم المتحدة ومكاتبها ومؤسساتها وهيئاتها المختلفة حول العالم أن دولة قطر باتت شريكا موثوقا لا غنى عنه لتنفيذ المبادرات والبرامج المختلة للمنظمة الدولية إقليميا ودوليا، حيث تساهم قطر بفعالية في مساعدة المنظمات والوكالات الأممية المتخصصة لتنفيذ ولاياتها واختصاصاتها على الوجه الأمثل في ميادين ومجالات بناء السلام والتنمية المستدامة والمناخ والصحة والتعليم والعمل الإنساني، بالإضافة إلى الوساطة في حل المنازعات، وذلك اتساقا مع رؤية واستراتيجية دولة قطر في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا وإقليميا ودوليا، لبناء عالم تسوده قيم السلام والعدل والإنصاف.