فيض الخاطر.. تقطير القطاع الخاص
قانون توطين الوظائف في القطاع الخاص الذي أصدره صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني برقْم (12) لسنة 2024م، والذي تم توضيح مزاياه من قبل وزارة العمل في بيان أعلنت فيه أن هذا القانون يأتي تماشيًا مع رؤية قطر 2030، بما في ذلك خلق فرص التوظيف والتدريب للقطريين والقطريات، وهو أمر له أهميته في سياق الحراك التنموي الذي يعيشه الوطن بقيادة أمير البلاد المفدى، وواقع الحال أن القطريين والقطريات يلاقون الكثير من تعسف بعض الوافدين، الذين ما إن تُسند لهم وظائف قيادية حتى يسعوْن جاهدين لتهميش دور القطريين والقطريات، وإتاحة الفرصة لأبناء جلدتهم لاحتكار الصلاحيات الوظيفية على حساب أبناء البلد، وقد يأتي بعضهم -ولا نقول كلهم- وهو خالي الوفاض من معرفة طبيعة العمل المُسند إليه، لكن إتاحة الفرصة له بمنحة المناصب القيادية يتيح له الاستفادة ممن سبقه في العمل من أبناء البلد، وبدلًا من أن نستفيد من خبراتهم نراهم يتسلقون على أكتافنا لأنهم في الأساس لا يملكون الخبرة، وعلينا أن نعلمهم لنلقى منهم في النهاية جزاء «سِنِمَّار» .
كان النعمانُ أحد ملوك الحيرة يملك من المال والجاه ما لا يملكه غيرُه، وقد أحضر البنائين وعلى رأسهم المهندس «سِنِمَّار» لكي يبني له قصرًا لا مثيل له، وبعد أن أنجز بناء القصر على أفضل وجه، خشي النعمان أن يبني «سِنِمَّار» ما هو أفضل منه لغيره، فما كان منه إلا أن أمر بقذفه من أعلى القصر، فانكسر عنقُه ومات، ونظر إليه النعمان ولسان حاله يقول: لا يجوز أن يبقى حيًا من يستطيع بناء أفضل من هذا القصر. وأصبح ما فعله النعمان بسِنِمَّار مثلًا بين الناس حتى قيل: (هذا جزاءُ سِنِمَّار) وهذا هو حالنا مع بعض الوافدين الذين يعضُّون الأيدي التي تمتد إليهم بالمعروف، فلا نسلَم من أذاهم. إن هؤلاء الذين لا ذمة لهم ولا أمان، لا يستحقون تولّي أي منصب قيادي، للتحكم في رقاب المواطنين، والتظاهر أمام المسؤولين بالبراءة والحرص على العمل وهم في الحقيقة ذئاب يرتدون لباس الحِملان. ومن حسن الحظ أن هؤلاء قلة لكنها قلة موبوءة يمكن أن تُعدي غيرها لإفساد بيئة العمل، وهنا يكون ضررُهم أكثر من فائدتهم -هذا إن كانت لهم فائدة في الأصل- وعلى أبناء الوطن تحمل أعباء ذلك، لأن أولئك الذين يستثمرون جهودهم، لا يضعون في حسبانهم مصلحة هذا الوطن ومواطنيه، وجل هدفهم هو الحصول على أكبر رقم من المال لتحويله إلى بلدانهم، وبذلك فإن ضررهم على اقتصاد الوطن لا يقل سوءًا عن ضرر الانتهازية التي يمارسونها في العمل، لأنهم لم يجدوا من يردعهم عن المضي في هذا العبث بواجبات العمل، وهو أمر معيب وسيِّئ دون شك، والله المُستعان.