اخر الاخبار

مسؤولو مراكز ثقافية: المساجد في الجزائر.. فن معماري وإرث ديني خالد

الجزائر – قنا :

يختتم يوم الإثنين المقبل بولاية تيبازة شمالي الجزائر، معرض للصور الفوتوغرافية يوثق المعالم الإسلامية، عبر صور لمساجد قديمة وحديثة من مختلف المدن الجزائرية، ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام بالتنسيق مع مركز الفنون والمعارض بولاية تلمسان، غربي الجزائر، تحت شعار “منارة الإيمان عبر العصور “.

ولعل أكثر ما يشد انتباه الزوار هو مسجد ندرومة المرابطي الكبير، الذي يعتبر ثالث أقدم مسجد بالجزائر وتحفة معمارية مازالت شامخة منذ 10 قرون، إذ يعد هذا المسجد نموذجا للعمارة الدينية المرابطية ويشبه في تصميمه المسجد المرابطي الآخر الموجود بمدينة الجزائر العاصمة.

ويتكون مسجد ندرومة من تسعة بلاطات عمودية لجدار القبلة وثلاثة موازية له، بينما تنفتح البلاطات الجاذبية على الصحن وتعد البلاطة الوسطى لبيت الصلاة أوسعها على الإطلاق، ويقوم هذا المسجد على دعائم ضخمة تحمل أقواسا متجاوزة، أما المحراب فإنه يتوسط الجدار القبلي ويتكون من خمسة أضلاع وتعلوه قبة،ولا يحتوي هذا المسجد على كتابات تذكارية ورغم ذلك استطاع علماء الآثار تأريخه بواسطة لوحة المنبر الذي يعود إلى فترة حكم يوسف بن تاشفين وبالضبط إلى سنة 1106م، و هذه اللوحة موجودة حاليا بالمتحف الوطني للفن والتاريخ تلمسان.

ويجد الزائر للمعرض كذلك، مسجد سيدي بومدين بطابعه الأندلسي، والذي يقع ضمن المركب المعماري للعباد في الجنوب الشرقي من مدينة تلمسان ويعد أحد أهم الرموز التاريخية بالمدينة، ومن أهم منجزات الفن الجزائري الأندلسي، إلى جانب مدرسة العباد التي تشكل مزارا للسياح و الباحثين نظرا للدور الذي لعبته في الثقافة والتعليم واستقطاب الطلبة والعلماء من كل مناطق المغرب العربي، وممن درس في هذه المدرسة من العلماء المشهورين العلامة عبد الرحمن بن خلدون.

ومسجد سيدي بومدين، صغير الحجم نسبيا، ويتميز بباب فخم يعد من أروع ما أبدعه الفن الأندلسي، مزخرف بنقوش غاية في الجمال. تبلغ مساحة المسجد حوالي 30 مترا طولا و18 مترا عرضا. كما يتميز صحنه بجماله اللافت، حيث تتوسطه نافورة تضفي عليه رونقا خاصا.

و يعتبر هذا الصحن رغم صغر حجمه من أجمل صحون المساجد، حيث بنيت الصومعة المستطيلة على الطراز الحمادي ويبلغ طولها عشرة أمتار وعرضها إحدى عشر مترا ،وفيه جملة من أساطين المرمر البديعة تحمل على رؤوسها نقوشا خلابة.

وفي هذا الصدد، أبرز مسؤولون ومديرو مراكز ثقافية في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية “قنا” مكانة المساجد في الجزائز، باعتبارها تجسيدا لفن العمارة المتكامل و التراث المعماري الإسلامي، الذي يعتبر نموذجا للحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية للشعوب، إلى جانب ما توفره لمرتاديها على مدى مئات السنوات من سبل الأمان والراحة ومتطلبات أداء الفرائض الدينية من خدمات وتسهيلات. ونوهوا باشتمال المعرض على صور لمختلف المساجد العتيقة عبر الجزائر التي تبرز طابعها المعماري المميز وزخرفتها ومناراتها ومحاريبها.

وأوضح السيد كريم محمد زياد، مسؤول المركز الثقافي عبد الوهاب سليم بتيبازة، لـ قنا أن اختيار شعار “منارة الإيمان عبر العصور” لهذا المعرض، له دلالات كبيرة، فهو يعكس تشبث الجزائريين بميراثهم الديني عبر كل العصور وهو ما ينعكس من خلال صور المساجد المعروضة والتي تعطينا صورة عن المجتمع الجزائري عبر العصور من خلال هندستها وزخرفتها الفريدة.

وأضاف أن تنوع الطابع العمراني للمساجد بين عثماني وأندلسي يوحي بالتنوع الثقافي الكبير داخل المجتمع الجزائري الواحد والذي بقي محافظا عليه منذ عصور، وهو الهدف الذي يسعى إليه الفرد والجماعة اليوم، فتسليط الضوء على تراثنا مهم جدا لترسيخه وحفظه من الاندثار، وهو ما أكده الحضور المميز للجمهور والعائلات والأطفال كذلك، وهو ما يثلج الصدور، ويؤكد تمسك الكبار والصغار بالهوية الجزائرية الإسلامية.

من جهتها، نوهت الدكتورة سميرة أمبوعزة، مديرة مركز الفنون والمعارض بتلمسان، في تصريح مماثل لـ “قنا” بالهدف الأسمى لهذا العمل وهو تثمين التراث الأثري والتاريخي الإسلامي وتعريف الزوار بثراء التراث الجزائري.

وأضافت أن الصور الفوتوغرافية المعروضة تتناول مساجد عتيقة شيدت منذ قرون على غرار المسجد الكبير لتلمسان ومسجد الباشا بوهران والمسجد الكبير للجزائر العاصمة والمسجد العتيق بـ “تيارت” ومسجد سيدي عقبة (بسكرة) ومسجد زاوية الهامل (المسيلة) وغيرها من المساجد المتميزة بطابعها المعماري وزخرفتها والتي تعكس ثراء وتنوع الفن الإسلامي في الجزائر.

وأشارت مديرة مركز الفنون والمعارض بولاية تلمسان غربي الجزائر ، إلى دور المساجد في المجتمع الجزائري كمؤسسة دينية تعكس الهوية الإسلامية لشعوبها، وتعد من أهم المؤسسات التي ظهرت على مر العصور، فكانت بيوت الله ومنبر الصلاة للمؤمنين ومنارة العلم والعلماء ومكانا تجرى فيه الدروس والمحاضرات ومحكمة المجتمع الفاصلة في خصامه وقضاياه، ومكانا يتعارف فيه الأشخاص والعباد، وهكذا ترسخت صورة المسجد كمؤسسة يتلاقى فيها المسلمون في كل جوانب حياتهم فعم فضل بنائها في كل بقاع الأرض.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X