المنتدى

المنطقة على حافة بركان!!

بقلم/ فيصل مكرم:

 منذ بداية التصعيد العسكري الإسرائيلي وإعلان الحرب المفتوحة على حزب الله في جنوب لبنان، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بأنه لم تعد هناك خطوط حمراء لعمليات جيشه، ومتى كان لرئيس الحكومة الإسرائيلية أو أي حكومة إسرائيلية خطوط حمراء يلتزمون بعدم تخطيها مع الشعب الفلسطيني أو مَن يُساند نضالهم ومقاومتهم للاحتلال؟، إسرائيل كيان محتل يمتلك إمكانيات عسكرية وتكنولوجية واقتصادية واستخباراتية تفوق ما تمتلكه دول في حلف النيتو، وكل ما تفعله بهذه القوة هو ارتكاب جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين وتهديد أمن واستقرار المنطقة والاستهتار بالقوانين الدولية وعدم الاكتراث بنتائج جرائمها وهمجيتها، وها هو رئيس الحكومة الإسرائيلية يقول تحت سقف الأمم المتحدة بأن إسرائيل ستغير منطقة الشرق الأوسط وسيواصل العدوان على غزة ولبنان، وبأنه مستعد لخوض حرب مع إيران إن لزم الأمر.. رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي لم يذكر في خطابه فلسطين ولا مرة واحدة ولم يتطرق للسلام في المنطقة لأنه لا يمتلك مشروعًا سياسيًا يمكن للعالم التعاطي معه ويتفق مع قرارات الشرعية الدولية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية وجّه جيشه قبل دقائق من إلقاء خطابه في الأمم المتحدة الجمعة بشن هجوم على مجمع سكني بالضاحية الجنوبية لبيروت، بعد أن قتلت غاراتها أغلب القادة العسكريين لحزب الله، كما جاءت تفجيرات البيجرز وأجهزة اللاسلكي لتكون كلها عمليات اصطياد لكوادر ومنتسبي الحزب في مناطق تشكل حاضنته المجتمعية والطائفية، وكل هذه العمليات الدموية الوحشية أفقدت الحزب القدرة على الرد وعلى المبادرة وأدخلته في حال من الارتباك في وقت كان يحتاج إلى الثبات والقدرة على مناورة إسرائيل واستنزافها عسكريًا ومنعها من اجتياح جنوب لبنان.

للأسف نجحت إسرائيل وأجهزتها الاستخبارية في تحقيق اختراق أمني وعسكري واستخباراتي لحزب الله جعلتها أكثر سيطرة على تفاصيل المواجهة المفتوحة بينهما لجهة توجيه ضربات موجعة للحزب واستعادة قوة الردع الذي فقدته في السابع من أكتوبر الماضي وتحقيق نصر فشل رئيس الحكومة الإسرائيلية في تحقيقه في غزة بعد عام من القتل والحصار والتدمير للقطاع وتجويع سكانه وقتل وجرح نحو 170 ألفًا من الفلسطينيين أغلبهم نساء وأطفال في جريمة إبادة عنصرية لم يعرف التاريخ مثيلًا لها ليأتي التصعيد العسكري مع حزب الله في شمال الأرض المحتلة بحجمه وخطورته على المنطقة والإقليم كهدف آخر لرئيس الحكومة الإسرائيلية يتمثل في تغطية المشهد على جرائم جيشه في غزة بعد أن سيطر على الواجهة الإعلامية عالميًا منذ السابع من أكتوبر.

والحقيقة المؤسفة أن حزب الله ارتكب أخطاء تكتيكية ومجتمعية تستغلها إسرائيل بخبث ودهاء تتمثل في استعراض قدراته على تصوير أهدافه في العمق الإسرائيلي وشبكة الأنفاق الواسعة التي تتجول فيها الشاحنات وحاملات الصواريخ بأريحية في مقاطع مصورة لن تتجاهلها مخابرات إسرائيل ودرستها جيدًا واستفادت منها في عملياتها العسكرية، كما أن تلك المقاطع أكدت للبنانيين امتلاكه إمكانيات كبيرة فيما لم تفكر قيادته في بناء ملاجئ للمدنيين أو تجهيز مستشفيات ميدانية، ولم توفر مناطق آمنة للنازحين، ولم يعمل حزب الله على تأمين حاضنته الاجتماعية تحسبًا لوقوع حرب شاملة مع إسرائيل، بالإضافة إلى أن الحزب ينفرد بقرار الحرب مع أن لبنان كله سيعاني من ذلك إذ يعتبره اللبنانيون مشاركًا فاعلًا في أزمات البلد، وبالتالي فإن قادم الأيام يحمل الكثير من المتغيرات خاصة بعد غارات إسرائيل الجمعة على الضاحية الجنوبية واستهداف مقراته وزعيمه، وباغتيال حسن نصر الله يعتقد رئيس الحكومة الاسرائيلية أنه حقق غايته لإشعال المنطقة حيث يعتقد أن ذلك يمنح إسرائيل إمكانية تحقيق أهدافها الكارثية في المنطقة على حساب دولها وشعوبها وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة وإقامة دولته المشروعة على تراب أرضه المحتلة.

صحفي وكاتب يمني

[email protected]

@fmukaram

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X