دنيا.. المثقف من التوهج إلى الذبول ( 3 / 4 )
أحدث قيام الدولة سياقًا آخر إلى جانب سمات الشخصية القطرية لتمرير وجود الدولة، فكان محاذيًا لها ولم ينشأ من داخلها وإنما لبسته لباسًا، جعل من السهل لاحقًا أن تبرز تضاريسها بشكل أكثر حدة بعدما تراجعت فكرة الدولة الوطنية من الأذهان بتأثير الريع وسرعة السير والقفز أحيانًا لتحقيق أهداف كبيرة وضخمة لا تتماثل وحجم وعدد السكان، فسياق الدولة كان له المجال بعد الاستقلال، عندما ظهرت طبقة وسطى تتمتع بقدر من الاستقلال الثقافي والمادي إلى حد ما بموافقة الدولة، وبرزت مؤسسات الدولة الحكومية وطبقة من موظفي الدولة الكبار لهم مكانتهم وأماكنهم الرسمية والترفيهية، وتميزت هذه الفترة بالتدرج في التغيرات فمثلت تلك الحقبة حقبة من الاستقرار على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. إلا أنه بعد ذلك حصل تغير راديكالي كبير في التحول من قيم المدينة الذي زرعتها الدولة مع بداية قيامها إلى قيم الريف والبداوة فنزحت الخيام» ثقافيًا» على المدينة أو جَرى بالأحرى خيمنة المدينة. ولا يستطيع أحد أن ينكر دور القبيلة في مجتمعاتنا العربية قاطبة، لكنه لوحظ بعد ذلك تراجع ظهور سياق الدولة في الوعي كثقافة «مدينية» كما هو في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم وتضخم الشخصية الريعية ومثقف الخيمة التي يمثلها على حساب الشخصية الإنتاجية.
يتبع…
[email protected]
@A_AzizAlkhater