قضايا وأحداث …. التهديد الإسرائيلي للسلام العالمي ومرتكزات التصدي له
لقد فقد الاحتلالُ الإسرائيلي المُدلل كثيرًا من أسباب تدليله في الأيام القليلة الماضية مع عملياته العسكرية في لبنان، إذ يصعب السيطرة على الأوضاع مع بدء تلك العمليات، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فإسرائيل نفسها فقدت السيطرة على سلوكها العدواني، ما زاد الأمور تعقيدًا ووصلت لمرحلة لا يمكنها الوقوف وكأنها تتحرك بقوة أشبه بالقصور الذاتي، ولهذا لا بد من الاستعانة بقوة خارجية لتتمكن من إيقافها باستخدام كل الإمكانات العسكرية التي لديها للسيطرة على الأوضاع.
فالكيان الإسرائيلي لا يجد بأسًا من استغلال تفوقه العسكري، ولهذا لا يمكن الوثوق به بأي شكل من الأشكال على المستوى الدولي. ولو عُدنا بالتاريخ قليلًا إلى الخلف سنرى الدعاوى الإسرائيلية طوال سنوات حول برنامج السلاح النووي الإيراني، رغم امتلاك إسرائيل نفسها لترسانة نووية، الأمر الذي يشكل أكبر تهديد للسلام العالمي، فالعالمُ أمام احتلال لا يتورَّع عن استخدام كافة أنواع الأسلحة في مواجهة الأبرياء في غزة، ويعمل بكل ما أوتي من قوة لإزالة غزة وشعبها من الوجود، رغم عدم وجود أي أسلحة ثقيلة في غزة. وهذا يؤكد أن إسرائيل التي لوَّحت باستخدام السلاح النووي لا تشكلُ تهديدًا لسكان غزة فحسب، بل للبشرية كلها.
واليوم على العالم كله أن ينتبه للخطر الإسرائيلي قبل فوات الأوان، ومن الضروري الآن إعادة صياغة النظام العالمي الذي أسْهَمَ في وجود إسرائيل. ويجب مراجعة ما تم خلال الثمانين سنة الماضية، بدءًا من وعد بلفور الذي تم توقيعُه بعد الحرب العالمية الثانية، ومساءلة النظام العالمي الذي تأسس بعد ذلك ودوره فيما وصلنا إليه؛ فالتهديدُ في الحقيقة لا يتعلق بإسرائيل نفسها فقط، بل بمن صنعوا النظام الحالي ويحرصون على بقائه واستمراره.
ومع تطور الأحداث الأسبوع الماضي بقضاء إسرائيل على قيادات حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، فعلى إيران إعادة تموضعها في هذا المشهد الجديد.
في الواقع، عندما حقق حزبُ الله انتصارًا على إسرائيل في لبنان عام 2006، احتضن العالم الإسلامي انتصاره وتعاطف معه.
فلا بد من التفكير العميق ومراجعة كل الحسابات المُمكنة، والاستفادة مما حدث من قبل، وأخذ الدروس منه بعناية وحكمة.
فالاحتلالُ الإسرائيلي يستهدف المنطقة كلها: تركيا ولبنان والأردن والخليج والعراق وسوريا ومصر، ولا يستثني أي دولة في العالم، وهذا أمر لا يخفى على أي شخص لديه أدنى دراية بالإيديولوجية الإسرائيلية، والنبوءة والوعد الديني المُتعصب الذي تأسست عليه إسرائيل التي تمثلُ أكبر تهديد للسلام العالمي.
وقد حان الوقت للعمل على اتخاذ تدابير أكثر فاعلية وكفاءة وحكمة ضد هذا التهديد. ولا يمكن ذلك إلا عن طريق السعي لوحدة العالم أجمع، خاصة العالم الإسلامي، ونفض الخلافات الداخلية، وتحمل مسؤولية أداء الواجب المنوط به بوعي وحكمة.
أكاديمي وسياسي
وكاتب تركي