همسة ود.. مفارقات الموت والحياة
مفارقات الحياة والموت غريبة، وفيها ثنائيات من غير المُمكن تصورها معًا، فحين نسمع خبر وفاة شخص نحزن، وإذا كان هذا الشخص ابنًا أو صديقًا قريبًا، فقد ننهار لحظتها، فالكثير ممن يفقدون أحباءهم تنقلب حياتهم رأسًا على عقب، وتُضْحي الحياة مُرَّة لا تُستساغ، بل قد يتمنى البعض مفارقة هذه الدنيا، وعكس ذلك تمامًا حينما نسمع بقدوم مولود، نفرح فرحًا كبيرًا، فالمولود نعمة وهِبة من المولى عزَّ وجلَّ، تستوجب الشكر، وفي كلتا الحالتين ينقلب وضع الأسرة رأسًا على عقب، فالموت لشدة مرارته على أهل المُتوفى، حينها يجب الدعاء أن يلهم أهله الصبر والسلوان، ويكون الحزن هو المسيطر على الموقف، أما قدوم المولود وتمتعه بالصحة والعافية، فيلزم هيئة وكلمات مُعينة نبارك له، وهذا حال الدنيا «حياةٌ وموت» وهما واقع يجب التعايش معه.
صحيحٌ أننا نحزن لفقد من نحب، ولكننا لا نقف عند ذلك بل إن الحياةَ تستمر، ومن ناحية أخرى نسعدُ كثيرًا ونفرح حينما نُرزق أو يُرزق من يُهمنا أمره بمولود، وقد تتضاعف المجهودات والمسؤوليات على الوالدين، إلا أنها عملية مُفرحة، والوالدان يبذلان الغالي والنفيس من أجل تحقيق جميع الأحلام لمولودهما.
إن الخلاص لا يكون إلا بالموت، فالموت شرط للبعث من جديد، ولكن البعض يرفض فكرة الموت، فيتغير موقفه من الحياة نفسها، ولا يكون لانتصار فكرة الحياة على الموت أمل، ولدى البعض الآخر تتكافأ فكرة الموت والحياة، فينتصر الإنسان حينها على كل التحديات التي ترمز إلى الموت، ولكن هناك الكثير من الناس تحضرهم وساوس الموت لأنهم أصبحوا في عمر كبير، وصار الموتُ في مواجهة مباشرة معهم بسبب الفراغ الذي يعيشونه، وقد يحس البعض بأنهم يفكرون كثيرًا بالموت، أو يشعرون كما لو أنهم سيموتون قريبًا. فالموت شديدُ المرارة على ذوي المُتوفَى، ويستلزم هيئة وكلمات معينة، فالخوف من الموت أمر طبيعي، وقد يترك عند البعض تأثيرًا عميقًا على أفكارهم ومشاعرهم، وهذا يؤثر على جودة حياتهم، فتوقع الموت والخوف منه مؤلم ويجب على الإنسان الذي يريدُ الحياة أن يضعه في سياقه الصحيح. فالقلقُ والخوفُ من المجهول أمرٌ يمر به كل إنسان، ولا يُعد قلقُ الموت في حد ذاته اضطرابًا ولكن الذي يزيد من حدته، التعامل مع المجهول وتوقعه، لذا يتوقع البعض الأسوأ دومًا في حالة الإصابة بأي مرض عادي، كنزلة «البرد البسيط» التي تصيب كل الناس في فصل الشتاء مثلًا.