الدوحة – الراية :
عندما يتعلق الأمر بفِقدان الوزن والسعي نحو حياة أكثر صحة، قد تبدو جراحات السمنة للبعض طريقًا مختصرًا لتحقيق الأهداف والتخلص من السمنة، لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن نجاحَ الجراحة لا يُقاس فقط بمهارة الجرّاح أو بساطة العملية، بل بتكامل رحلة العلاج التي تبدأ قبل العملية بوقتٍ طويلٍ ولا تنتهي حتى بعد إجراء الجراحة وتحقيق النتائج المطلوبة. عمليات جراحة السمنة ليست مجرد إجراء جراحي، بل هي رحلة علاجية تتطلب تحضيرًا دقيقًا والتزامًا مستمرًا من قِبل المريض والطبيب معًا، كما أن فَهم المريض طبيعةَ العملية يلعب دورًا مهمًا في نجاحها من خلال الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة المستمرة، وهذا كله المِفتاح الرئيسي لتحقيق أفضل النتائج والمحافظة عليها على المدى الطويل.
الدكتور جاسم العبيدان فخرو، استشاري جراحات الأيض والسمنة والجراحات الروبوتية، أحد المختصين القلائل في هذا المجال الدقيق في قطر، يفتح لنا البابَ لفَهم أعمق لهذا الجراحات، فهو رائد في مجاله، حيث أجرى أكثر من 5000 عملية قص معدة ناجحة، ويمارس عمله من مركز ذا ماسترز الطبي، حيث يقدّم للمرضى رعايةً طبيةً شاملةً ومتخصصةً لضمان أفضل النتائج.
جراحات السمنة بالنسبة له ليست مجرد تدخل طبي، بل هي خُطوة شجاعة تتطلب استعدادًا نفسيًا وبدنيًا،واتباعًا دقيقًا لتوجيهات طبية تضمن الحفاظ على النتائج مدى الحياة.
وفي هذا الحوار مع الدكتور جاسم العبيدان فخرو، سنتعرّف على تفاصيل رحلة جراحات قص المعدة التي تعيد تشكيل حياة المرضى وتمنحهم الأملَ في حياةٍ جديدةٍ، مستفيدين من خبراته وفريقه الطبي في مركز ذا ماسترز الطبي، لنكشفَ حقائق وأسرار قص المعدة التي لا يعرفها الكثيرون.
- هل عملية قص المعدة مجرد إجراء بسيط؟
– يعتقد العديد من الأشخاص أن عملية قص المعدة هي مجرد إجراء جراحي بسيط وغير معقد، لكن هذا الاعتقاد بعيد كل البُعد عن الحقيقة، هذه الجراحة تتطلب دقةً عاليةً ومهارةً خاصةً من الجراح، وهي أكثر تعقيدًا مما يظهر للمريض، لكن في ذات الوقت ما يجعل العملية تبدو سهلة هو كفاءة الطبيب ونجاحه في تطبيق أفضل الممارسات الطبية لضمان أقل قدرٍ من المضاعفات.
ويضيف: نجاح العملية لا يُقاس فقط بإجراء الجراحة بشكل سليم، بل يمتد إلى الإجراءات السابقة والتخطيط الجيد للعملية، والنجاح يبدأ من اللحظة التي يدخل فيها المريضُ العيادة، حيث تكون الاستشارة الأولية هي الخطوة الأهم في تحديد مسار العلاج، وخلال هذه الاستشارة، يقوم الطبيب بتقييمٍ شاملٍ لحالة المريض، يشمل جمع معلومات مفصلة عن التاريخ المرضي الشخصي والعائلي، والأدوية الحالية، بالإضافة إلى المحاولات السابقة لفِقدان الوزن.
هذا التقييم لا يقتصر على الجانب الجسدي فقط، بل يتعداه ليشمل الجوانب النفسية والسلوكية التي يمكن أن تؤثرَ على النتائج النهائية للعملية.
ويُشير الدكتور فخرو، إلى عدم وجود خُطةٍ علاجيةٍ موحدةٍ تناسب جميع المرضى، فكل حالةٍ تحتاج إلى خُطةٍ علاجيةٍ مخصصةٍ لها تعتمد على نتائج الاستشارة وتتناسب مع الاحتياجات الفردية للمريض، وهذه الخُطة تأخذ بعين الاعتبار العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثرَ على نجاح العملية، ما يعزز من فرص تحقيق النتائج المرجوة.
- كيف يمكن الحفاظ على عملية قص المعدة بعد نجاح الجراحة؟
– الاستشارة الأولية والمتابعة المستمرة هما من العناصر الأساسية التي تساهم في نجاح عملية قص المعدة. فخلال الاستشارة، يجب على الطبيب توضيح جميع التفاصيل المتعلقة بالعملية، بما في ذلك المخاطر المحتملة، والتغييرات الفسيولوجية المتوقعة، والإرشادات التي يجب على المريض اتباعها بعد الجراحة لضمان أفضل النتائج.
ويضيف: النجاحُ الحقيقي للعملية لا يتوقف عند العملية الجراحية نفسها، بل يمتد إلى المتابعة الدقيقة والمستمرة بعد الجراحة، وعلى المريض أن يكونَ على درايةٍ تامةٍ بكيفية العناية بنفسه بعد العملية وما يمكن توقعه من تغيراتٍ في جسمه. ويواصل د. فخرو بالقول: الكثير من حالات رجوع الوزن ليست بسبب خللٍ في الإجراء الجراحي نفسه، بل تعود إلى عدم التزام المريض بالإرشادات والمتابعة بعد العملية، فالعَلاقة بين الطبيب والمريض يجب أن تكونَ علاقة تعاون مستمر، حيث يلتزم المريضُ بحضور جلسات المتابعة الدورية والالتزام بالتوجيهات الغذائية والسلوكية التي يقدمها الطبيب، خاصة أن الهدف من المتابعة هو رصد التغيرات في الوزن والتدخل المبكر في حال بدأت الأمور تتجه نحو العودة إلى الوزن السابق.
أما إذا أهمل المريض هذه المتابعة، فإن ذلك يعرّضه لخطر فِقدان الفوائد التي حققها من وراء العملية الجراحية، حيث قد يبدأ وزنه في العودة إلى سابق عهده بسبب غياب الدعم والإرشاد الطبي.
- هل جراحة قص المعدة قرار شجاع يتطلب إرادة قوية؟
– من الأفكار الخاطئة المنتشرة بين الناس هي أن الأشخاص الذين يختارون إجراء عملية قص المعدة يفتقرون إلى الإرادة الكافية لفِقدان الوزن بطرقٍ تقليديةٍ مثل الرياضة أو النظام الغذائي الصحي، هذا الاعتقاد ليس دقيقًا، حيث إن اتخاذ قرار الخضوع لجراحة قص المعدة يتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة والإرادة. والمرضي الذين يختارون هذه العملية يكون لديهم إدراك كامل بأنهم سيتعرضون لجراحة تحت تأثير التخدير، وسيكون عليهم الالتزام بخُطة علاجية طويلة الأمد بعد الجراحة للحفاظ على هذه النتائج.
هذا الالتزام يعتبر تحديًا أكبر من مجرد اتباع نظام غذائي أو ممارسة الرياضة، لأن الجراحة هي خطوة لا رجوع فيها وتتطلب التزامًا جادًا من المريض للحفاظ على التغييرات التي تحدث في جسمه.
وأوضحَ فخرو، أن إجراء هذه الجراحة يعكس مستوى عاليًا من الالتزام والإرادة لدى المريض، حيث يظهر استعداده لمواجهة التحديات والالتزام بالتغييرات الجذرية في نمط حياته للحفاظ على صحته ووزنه الجديد. يُعد الالتزام بالخُطة العلاجية والمتابعة مع الطبيب جزءًا لا يتجزأ من رحلة فِقدان الوزن بعد الجراحة.
- كيف تعمل جراحة قص المعدة على فَهم المتغيرات الفسيولوجية وتأثيرها على فقدان الوزن ؟
– هناك اعتقاد خاطئ بأن فقدان الوزن بعد عملية قص المعدة ناتج فقط عن تقليل كَميات الطعام، موضحًا أن هذه العملية تتسبب في تغيرات فسيولوجية مهمة في الجسم، تؤدي إلى تغييرٍ في مستويات الهرمونات وزيادة في معدل الحرق.
على سبيل المثال، بعد قص المعدة، يحدث تغيير في إفراز الهرمونات التي تتحكم في الشهية ومعدل الأيض، ما يساهم في فِقدان الوزن بشكل أكثر فاعلية من مجرد تقليل السعرات الحرارية.
عند إزالة رأس المعدة، يُلاحظ حدوث تغيرات في كيفية استجابة الجسم للطعام والشبع، ما يؤدي إلى شعور المريض بالامتلاء بسرعة أكبر واستهلاك كَميات أقل من الطعام، إضافةً إلى ذلك، يؤثر هذا الإجراءُ على كيفية تعامل الجسم مع الطاقة، حيث يصبح الجسم أكثر كفاءة في حرق السعرات الحرارية والدهون المخزنة.
هذا التأثير لا يدوم إلى الأبد، لأن الجسم يبدأ في التكيف مع هذه التغيرات الفسيولوجية بعد حوالي سنة ونصف من العملية، ما يؤدي إلى تباطؤ في معدل الحرق ليصبح متناسبًا مع الوضع الجديد.
من المهم جدًاأن يفهم المرضى هذه الآلية لأن التغيرات التي تحدث بعد الجراحة ليست ثابتةً، والجسم سيبدأ في التكيف مع الوقت. لذا، قد يلاحظ المرضى أن فِقدان الوزن يصبح أقل بروزًامع مرور الوقت، ما يتطلب منهم التزامًا مستمرًابالنظام الغذائي والنشاط البدني للحفاظ على النتائج.
وأوضح أن عملية قص المعدة ليست مجرد إجراء جراحي، بل هي رحلة علاجية تتطلب تحضيرًا دقيقًا والتزامًا مستمرًا من قِبل المريض والطبيب معًا، كما أن فَهم المريض لطبيعة العملية يلعب دورًا مهمًا في نجاحها من خلال الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة المستمرة، وهذا كله المِفتاح الرئيسي لتحقيق أفضل النتائج والمحافظة عليها على المدى الطويل. وسلطَ د. فخرو الضوءَ على أن الإرادة القوية، والتفاهم الشامل لطبيعة العملية، والتعاون المستمر بين الطبيب والمريض، هي العوامل الأساسيّة التي تساهم في النجاح وتحقيق الأهداف المرجوة.