فنون وثقافة
بالتعاون بين وزارة الثقافة واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم

خبراء يستعرضون جهود قطر في حفظ التراث غير المادي

محمد البلوشي: «ملف الصقارة» أصبح تراثًا عالميًا إنسانيًا

د. خالد البلوشي: تحديات كبيرة تواجه التراث الثقافي غير المادي

الدوحة- هيثم الأشقر:

نظمت وزارةُ الثقافة، أمس، ندوةَ «الاحتفال بالتراث الثقافي غير المادي»، وذلك بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، في قاعة بيت الحكمة بمقر الوزارة. وقد جاءت الندوةُ لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في صون التراث الثقافي غير المادي، وأهمية الحفاظ عليه وتوثيقه في المحافل الدولية، خاصة عبر تسجيله في قائمة التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو. وشاركَ في إدارة الندوة السيد صالح غريب، بحضور عددٍ من الشخصيات البارزة في مجال التراث، منهم الدكتور خالد البلوشي، والخبير علي زينل، المندوب الدائم السابق لدولة قطر لدى اليونسكو، بالإضافة إلى السيد محمد سعيد البلوشي، خبير التراث بوزارة الثقافة. ناقشت الندوةُ جهودَ وزارة الثقافة في حفظ التراث غير المادي، واستعرضت مِلفات التراث التي تعمل الوزارةُ على تسجيلها لدى اليونسكو، مشددةً على الدور الريادي لدولة قطر في تعزيز التراث العالمي.

وفي هذا السياق، تطرقَ السيد محمد سعيد البلوشي إلى «ملف الصقارة»، الذي أصبح تراثًا عالميًا منذ تسجيله في عام 2010 بعد مساعٍ بدأت في 2009. وأوضحَ أن هذا المِلف تحولَ من تراث محلي إلى تراث إنساني عالمي بانضمام 24 دولة، بما فيها دول أوروبية، ما يعكس أن التراثَ الإنساني مشترك وعالمي. وأشارَ البلوشي إلى تاريخ رياضة الصقارة، التي عرفها العرب منذ فجر التاريخ، حيث استخدموا الصقورَ في الصيد وأصبحت جزءًا من الثقافة العربية العريقة، كما انتشرت في مناطق أخرى حول العالم لتصبحَ جزءًا من التراث الشعبي.

كما استعرضَ البلوشي الأنواعَ الشهيرة من الصقور المستخدمة في الصيد، مثل الصقر الحر والشاهين والوكري، مشيرًا إلى أن هناك ما يقارب 300 نوع من الصقور حول العالم، تتفاوت في الحجم والصفات. وأكد على أهمية الحفاظ على هذه الرياضة التقليدية التي ورثها أهلُ المنطقة عن آبائهم وأجدادهم.

من جانبه، تناولَ الدكتور خالد البلوشي الشراكةَ الفاعلةَ بين اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم ووزارة الثقافة، مشيرًا إلى أن هذه الشراكةَ تمثل ركيزةً أساسيةً في تعزيز الجهود الوطنية لحماية التراث الثقافي غير المادي. وأوضحَ أن هذه الشراكة ليست وليدة اللحظة، بل هي جزء من سلسلةٍ طويلةٍ من التعاون المستمر بين الجهات الثقافية والتعليمية في دولة قطر، بهدف المحافظة على التراث الوطني وتوثيقه بما يتوافق مع المعايير الدوليّة. وأكدَ الدكتور البلوشي أن هذه الشراكةَ تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون المؤسسي الذي يسهم في تحقيق أهداف التنمية الثقافية المستدامة، ويساعد في تعزيز مكانة قطر كمركز ثقافي عالمي.

وأشارَ إلى أن التراث الثقافي غير المادي يشمل العديدَ من الجوانب التي تعكس تاريخ وهُوية الشعوب، بَدءًا من التقاليد الشفوية والاحتفالات الشعبية، وصولًا إلى الحِرف التقليدية والمعارف المتوارثة. وأكدَ أن الحفاظَ على هذا التراث يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات والمجتمعات المحلية، كما يتطلب تعزيز الوعي بأهمية هذا النوع من التراث باعتباره جزءًا من الهُوية الوطنية التي تشكل الأساسَ لمستقبلٍ مستدامٍ للأجيال القادمة.

ولفتَ الدكتور البلوشي إلى أهمية الاحتفاء باليوم العالمي للتراث غير المادي، الذي تحتفل به منظمةُ الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في 17 أكتوبر من كل عام. وأوضحَ أن هذا اليوم يمثل فرصةً عالميةً للتذكير بالقيمة الكبيرة للتراث غير المادي، وضرورة صونه وحمايته من التأثيرات السلبية التي قد تؤثر عليه، مثل العولمة والحداثة السريعة، التي قد تؤدي إلى تآكل أو اندثار بعض جوانب هذا التراث في حال عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة.

وأشارَ إلى أن دولة قطر، بفضل جهود مؤسساتها الوطنية مثل وزارة الثقافة واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، مشيدًا بالدور الفاعل الذي تقوم به الجهاتُ المختصةُ في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، ليس فقط من خلال التوثيق، بل عبر إشراك المجتمع بكافة أطيافه في هذه الجهود.

وتناولَ السيد علي زينل المستشار في إدارة التعاون الدولي بوزارة الثقافة، في بداية حديثه تعريفًا عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة منذ إنشائها في عام 1945، واهتماماتها بالتربية والثقافة وأن عدد الدول الأعضاء في المنظمة بلغ 195 دولة، مشيرًا إلى أن دولة قطر انضمت إلى اليونسكو عام 1972، ومنذ ذلك الحين ودولة قطر لها دور بارز في اليونسكو في مختلِف المجالات.

وقالَ: إن اليونسكو عقدت منذ اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية عام 1954 وحتى اليوم 43 اتفاقية، منها 23 اتفاقية في الشأن الثقافي، لافتًا إلى أن أهم الاتفاقيات التي تناولت التراث هي اتفاقيات عام 1970، 2001، 2003، 2005، والأخيرة التي تعنى بالتراث الثقافي غير المادي، اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي هي معاهدة تابعة لليونسكو، اعتمدها المؤتمرُ العام لليونسكو في 17 أكتوبر 2003، ودخلت الاتفاقيةُ حيزَ النفاذ في عام 2006 وقد صادقت عليها أكثر من 160 دولة حتى الآن. وشرحَ السيد علي زينل أهدافَ الاتفاقية كما عرّف بلجنة التراث في اليونسكو، التي تمثلها 3 دول عربية في كل دورةٍ، مبينًا أهميةَ الجهود القطرية والدولية في حفظ التراث غير المادي، لافتًا إلى أن اللجنةَ سوف تعقد اجتماعَها المقبلَ في البارجواي في الفترة من 2- 7 ديسمبر المُقبل.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X