تعديلات دستورية تشمل العودة لنظام التعيين بالشورى
مجلس الوزراء انتهى من إعداد مشروع التعديلات الدستورية والتشريعية
طرح التعديلات للاستفتاء الشعبي وأدعو جميع المواطنين والمواطنات للمشاركة
مراجعة وتقييم تجربة انتخابات الشورى قادتنا لاقتراح التعديلات الدستورية
وجهتُ بإحالة مشروع التعديلات للشورى انطلاقًا من مسؤوليتي وواجبي تجاه وطني وشعبي
نظامنا يقوم على العدل والشورى ويحمي الحقوق والحريات في ظل سيادة القانون
مجلس الوزراء سيتولى اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن التعديلات المقترحة
مكانة وصلاحيات مجلس الشورى لن تتأثرا سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين
الدوحة-قنا:
تفضَّل حضرةُ صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمِل برعايتِه الكريمةِ افتتاحَ دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، وذلك في قاعة تميم بن حمد بمقر المجلس صباح أمس.
حضرَ الافتتاحَ صاحبُ السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني المُمثل الشخصي للأمير، وسمو الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، وسعادة الشيخ جاسم بن خليفة آل ثاني.
كما حضرَ الافتتاحَ معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة والأعيان.
وألقى سمو أمير البلاد المفدى «حفظه الله» خطابًا بهذه المناسبة، وفيما يلي نصُّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرات الإخوة والأخوات،
أتقدم إليكم بخالص التحية والتهنئة ببداية دور الانعقاد السنوي لمجلسكم الموقر متمنيًا لكم دورًا تشريعيًا موفقًا، كما أشيد بما قدمتموه في دورتكم السابقة من جهد في إطار المنظومة التشريعية للدولة في كافة المجالات.
الإخوة والأخوات،
كما جَرَت العادةُ في لقائنا السنوي، أبدأ كلامي معكم اليوم بالشأن الاقتصادي.
وعلى الرغم من توقع تراجع النمو بين عامي 2022 و2023 لأسباب معروفة متعلقة بالانتهاء من مشاريع كأس العالم وإنجاز مشاريع البنية التحتية الأساسية وغيرها، واصل الاقتصادُ المحلي النمو خلال العام 2023. وتشير التقديرات إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 1.2%، مدعومًا بنمو القطاع الهيدروكربوني بنسبة 1.4%، والقطاع غير الهيدروكربوني بنسبة 1.1%.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو الاقتصاد المحلي ستبلغ 2% بنهاية العام الجاري، على أن ترتفع معدلات النمو خلال المدى المتوسط 2025 – 2029، لتصل إلى 4.1% سنويًا بدعم من التوسع في مشاريع إنتاج الغاز، ومشاريع الصناعات التحويلية، ومبادرات استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.
كما واصل معدل التضخم الانخفاض خلال العام الجاري، حيث بلغ 1.4% حتى نهاية شهر يوليو، في حين بلغ 5% و3% خلال العامين 2022 و2023 على التوالي، ما يعكس نجاح السياسات المالية والإجراءات التي طبقتها الدولة لضمان استقرار سلاسل الإمداد وتوفر السلع الأساسية، وضبط الأسعار. وتشيرُ تقديرات صندوق النقد الدولي إلى استقرار معدل التضخم خلال المدى المتوسط عند مستوى 2%.
وتستمر الدولة في توجيه فوائض الموازنة العامة نحو خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطات المالية لمنحها القدرة والمرونة للاستجابة للتحديات المالية التي قد تطرأ نتيجة تقلبات أسعار الطاقة، أو أي تحديات اقتصادية أخرى.
وقد تمكنت الدولة من خفض مستوى الدين العام من قرابة 73% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى ما دون 44% بنهاية عام 2023.
وقد ساهمت السياسات المتبعة في رفع التصنيف الائتماني للدولة من جانب الوكالات الدولية مع المحافظة على نظرة مستقبلية مستقرة.
وتحرص الدولة على المواءمة بين سياسة الإنفاق المتزنة، والتي أدت إلى تحسين مركزها المالي خلال السنوات الماضية، ودعم النمو والتنمية الوطنية في الوقت ذاته، حيث خصصت الموارد المالية اللازمة للمبادرات الحكومية للسنوات 2024 – 2028 وفقًا للأولويات، وبما يتماشى مع أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، والتي تشمل دعم قطاعات التجارة والصناعة والبحوث والسياحة، والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير الأنظمة المالية والإدارية، وتعزيز التنمية البشرية بهدف تحقيق التنويع والاستدامة الاقتصادية. نحن جادون بالاستثمار في هذه القطاعات، وهذا الاهتمام يجب أن يقابله اهتمام مماثل بتطوير الكفاءات والخبرات البشرية في المجالات كافة، وتقييم العاملين بموجب معايير المهنية والنجاعة وجودة المخرجات، وتعزيز أخلاقيات العمل وتنمية الحرص على الشأن العام.
الإخوة والأخوات،
في إطار تعزيز الإنتاج المحلي والفرص المتاحة أمام القطاع الخاص، وبعد أن طبق برنامج القيمة المحلية في المشتريات الحكومية في أغسطس من عام 2022، صدر توجيه باستهداف نسبة نمو لا تقل عن 10% سنويًا في قيمة المحتوى المحلي، ووضع خطط لتوطين القطاعات الاقتصادية المختلفة، والعمل على وضع آليات مثل إلزامية قوائم المشتريات والعقود طويلة الأمد، مع ضرورة مراعاة جودة المنتج المحلي ومنافسته للمنتجات المستوردة.
وعملت الدولة على دعم القطاع الخاص من خلال بنك قطر للتنمية والشراكات في المشاريع الزراعية الخاصة، وتطوير القطاع العقاري من خلال دعم استراتيجية تطويره، وإطلاق المنصة العقارية للدولة، التي تعزز الشفافية من خلال البيانات واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، ما يشجع الاستثمار المحلي والدولي في قطاع العقارات. وضمن التزام الدولة بتعهداتها البيئية، أطلق أول إطار تمويل أخضر سيادي في المنطقة بأعلى المعايير العالمية في مجال التمويل المستدام والتمويل الأخضر. وتبعه إصدار سندات خضراء حكومية في أسواق الدين العالمية، وتجاوزت طلبات الاكتتاب في ذروتها حوالي ستة أضعاف حجم الإصدار مع تنوع جغرافي ومؤسساتي واسع، ما يؤكد على الثقة العالمية لدى المستثمرين في الأداء المالي والاقتصادي للدولة وتوجهاتها المستقبلية.
- وحدة الشعب والمواطنة المتساوية .. غايتان تجمعان التعديلات الدستورية
- لم يعين أو ينتخب أعضاء الشورى إلا ليناقشوا القوانين وأعمال السلطة التنفيذية
- وحدتنا الوطنية مصدر قوتنا بعد التوفيق من الله في مواجهة كل التحديات
- دعوت لانتخابات الشورى رغم تحفظ العديد من المواطنين المخلصين
- وحدتنا وتماسكنا فوق أي اعتبار
- كلنا في قطر أهل.. والتنافس بين مرشحي الشورى جرى داخل العوائل والقبائل
- قيمنا وأخلاقنا وحبنا لوطننا مصادر قوتنا ومبرر ثقتنا بالمستقبل
الإخوة والأخوات،
نحن نولي اهتمامًا خاصًا للعلاقات مع الأشقاء في الخليج ودفع مسيرة التكامل بيننا. وفي ظل رئاسة دولة قطر للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، فإننا لم ندخر جهدًا مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدعم مسيرتنا الخليجية، ودفع العمل المُشترك، بما يلبي طموحات شعوبنا.
وعمومًا، فيما يتعلق بسياستنا الخارجية، فقد حرصنا دومًا على إقامتها على ثوابت أساسية ومبادئ مستقرة، تحقق أهدافنا ومصالحنا الوطنية، وتتفق مع قيمنا وتعكس انتماءنا الإسلامي والعربي والخليجي، وتفي بالتزاماتنا الدولية وشراكتنا الفاعلة مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات العالمية بما يحقق الخير للبشرية جمعاء.
وفيما عدا الموازنة بين القيم والمبادئ والمصالح، ترتكز سياستنا الخارجية أيضًا على الواقعية السياسية والتقدير الواقعي لما يمكن أن نقوم به. ونحن نتبع نهج الحوار والدبلوماسية الوقائية، وندعم الحلول السياسية التوافقية وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، ونضطلع بالوساطة حين يكون ذلك مُمكنا، ما يتطلب المرونة اللازمة لأداء هذا الدور.
ولا يخفى عليكم ما تشهده منطقتنا من أحداث وتطورات بالغة الدقة والخطورة، تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسرِه.
وتظل القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتنا، فلقد مرَّ عام على العدوان الوحشي على أهلنا في غزة والضفة الغربية، عامٌ من التدمير وجرائم الإبادة الجماعية في ظل استمرار عجز وتقاعس المجتمع الدولي عن وقف هذه الحرب البشعة، التي انتهكت كافة القيم التي تجمع الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية والشرائع الدينية. وتستغلُ إسرائيلُ فرصةَ تقاعس المجتمع الدولي وتعطيل مؤسساته وإحباط قراراتها لتنفيذ مخططات استيطانية خطيرة في الضفة الغربية، وراحت توسع عدوانها إلى لبنان.
لقد وقفنا وما زلنا نقف مع أشقائنا في فلسطين، وطالبنا مؤسسات المجتمع الدولي بوقف العدوان والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني. وأكدنا على أن هذا الدمار لن يجدي مع الشعب الفلسطيني الصامد المتمسك بحقوقه المشروعة. ولن يكون أمام إسرائيل بعد كل هذا القتل والتدمير سوى الانصياع لما توافق عليه المجتمع الدولي في حل الدولتين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، والالتزام بتنفيذها والقبول بدولة فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب معها، وحصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه المشروعة.
لقد بذلت قطر وما زالت تبذل جهودًا مكثفة مع شركائها لوقف إطلاق النار، وقد نجحنا في التوصل لاتفاق الهدنة الذي تم تنفيذه في شهر نوفمبر الماضي، وعلى الرغم من العقبات التي تعرقل جهود الوساطة فإننا مستمرون في بذل كل الجهد للوصول إلى اتفاق ينهي هذه الحرب، ويوقف نزيف دماء أشقائنا في فلسطين وإيصال المساعدات لهم، ويطلق سراح الأسرى والمعتقلين، على أن يكون ذلك تمهيدًا لمسار سياسي يتجه نحو الحل العادل.
وفيما يتعلق بالشأن اللبناني، فإننا نجدد إدانتنا للغارات الجوية والعمليات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الجمهورية اللبنانية الشقيقة، والتي أودت بأرواح الآلاف من المدنيين وأدت إلى تهجير أكثر من مليون مواطن. لقد حذرنا من هذا التصعيد الخطير للعدوان الإسرائيلي الذي تتسع رقعته يومًا بعد يوم، ومن عواقبه على دول الجوار والمنطقة.
لقد كان المَخرج الأسهل والأسلم لوقف التصعيد على الحدود مع لبنان هو وقف حرب الإبادة على غزة الذي تطالب به غالبية البشرية. ولكن إسرائيل اختارت عن قصد أن توسع العدوان لتنفيذ مخططات مُعدة سلفًا في مواقع أخرى مثل الضفة الغربية ولبنان، لأنها ترى أن المجال مُتاح لذلك. إننا ندعو إلى وقف العدوان على لبنان، كما ندعو إلى تنفيذ القرارات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام 2006.
الإخوة والأخوات،
إن التغيير المدروس هو السبيل الموثوق للتطور وتلبية طموحات الشعوب وتحقيق مصالحها. ولا ريب أن الدستور الدائم لدولة قطر هو السياج القانوني لهذه الطموحات والمصالح، وكما تعلمون جميعًا لقد أشرت في كلمتي أثناء افتتاح دور الانعقاد السنوي الخمسين لمجلس الشورى في عام 2021 إلى تكليف مجلس الوزراء بإعداد التعديلات القانونية اللازمة -بما فيها التشريعات الدستورية الطابع- لتعزيز المواطنة المتساوية وعرضها على مجلسكم الموقر.
وقد انتهى مجلس الوزراء من إعداد مشروع تعديلات دستورية وتشريعية. وانطلاقًا من مسؤوليتي وواجبي تجاه وطني وشعبي لما فيه الخير في الحاضر والمستقبل فقد ارتأيتُ أن تلك التعديلات تحقق المصلحة العليا للدولة، وتعزز من قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع القطري، وقد وجهتُ بإحالة مشروع التعديلات الدستورية، بما فيها العودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى، إلى مجلسكم الموقر لاتخاذ اللازم بشأنها وفقًا لأحكام الدستور. فيما سيتولى مجلس الوزراء اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن التعديلات المُقترحة على القوانين والأدوات التشريعية الأخرى وفقًا للقانون.
غايتان تجمعان التعديلات الدستورية والتشريعية المرتبطة بها: الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى.
- علاقة الشعب بالحكم في قطر .. أهلية مباشرة
- توجد قنوات عديدة لمشاركة المواطنين ويجب أن نزيدها ونكثفها ونعمقها
- الشورى من أهم أشكال المشاركة في الشأن العام وسوف تتواصل
- نمو إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 1.2%
- نسبة نمو الاقتصاد المحلي ستبلغ 2% بنهاية العام الجاري
- ارتفاع معدلات النمو خلال 2025 – 2029 إلى 4.1% سنويًا
- معدل التضخم واصل الانخفاض العام الجاري وبلغ 1.4%
- توجيه فوائض الموازنة العامة نحو خفض الدين العام
- خفض مستوى الدين العام إلى ما دون 44% بنهاية عام 2023
- السياسات المتبعة ساهمت في رفع التصنيف الائتماني للدولة
- دعم مسيرتنا الخليجية.. ودفع العمل المشترك بما يلبي طموحات شعوبنا
- العدوان على غزة والضفة الغربية يتواصل منذ عام في ظل عجز المجتمع الدولي
- وقفنا وما زلنا نقف مع فلسطين وطالبنا المجتمع الدولي بوقف العدوان
- نجدد إدانتنا للغارات الجوية والعمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان
المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضًا واجب شرعي وأخلاقي ودستوري. إنه العدل الذي أمرنا الله به، ولا نقبل بغيره. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).
وكما تعلمون فقد كانت وحدتنا الوطنية مصدر قوتنا بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى، في مواجهة كل التحديات التي مررنا بها، ومن هنا فإن علينا دائمًا حين نراجع تجاربنا أن نضع وحدتنا وتماسكنا فوق أي اعتبار.
الإخوة والأخوات،
أما بالنسبة لانتخاب مجلس الشورى، وللدقة انتخاب ثلثي أعضائه، فقد نص عليه الدستور الدائم للدولة من عام 2004، ولم يطبق.
وأبيْتُ أن تبقى ثمة أحكام في الدستور تنتظر التنفيذ. فقمت بمبادرتي بالدعوة إلى الانتخابات. وأصارحكم القول إني دعوت إلى الانتخابات على الرغم من تحفظ العديد من المواطنين المُخلصين الذين رأوا أنه كان ثمة منطق معتبر في عدم تطبيق هذه الأحكام.
قلت في حينه من على هذا المنبر وغيره إنها تجربة، وسوف نراجعها ونقيمها ونستخلص النتائج منها. وقد قمنا بذلك واستخلصنا النتائج التي قادتنا إلى اقتراح التعديلات الدستورية.
نظامنا نظام إمارة يقوم على العدل والشورى ويحمي الحقوق والحريات في ظل سيادة القانون.
وليس مجلس الشورى برلمانًا تمثيليًا في نظام ديمقراطي، ولن تتأثر مكانته وصلاحياته سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين.
إن علاقة الشعب بالحُكم في قطر هي علاقة أهلية مباشرة، وثمة أعراف وآليات معروفة للتواصل المباشر بين الشعب والحكم. ولم يُعين أعضاء مجلس الشورى الكرام، أو يُنتخبوا، إلا ليناقشوا القوانين وأعمال السلطة التنفيذية بتجرد عن المصالح الخاصة والجزئية وبحكمة وعقل راجح، ويقدموا التوصيات للأمير. وأنتم تقومون بذلك على أكمل وجه، وهذا لا يتغير بتغير آلية اختيار أعضاء هذا المجلس.
الشورى من أهم أشكال المشاركة في الشأن العام، وسوف تتواصل.
وتوجد قنوات عديدة لمشاركة المواطنين، ويجب أن نزيدها ونكثفها ونعمقها. قال تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.
كلنا في قطر أهل. والتنافس بين المرشحين للعضوية في مجلس الشورى جرى داخل العوائل والقبائل، وهناك تقديرات مُختلفة بشأن تداعيات مثل هذا التنافس على أعرافنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها. إذ يتخذ طابعًا هُوِيَّاتِيَّا لا قبل لنا به وما قد ينجم عنه مع الوقت من ملابسات نحن في غنى عنها. لقد بيَّنَت التجربةُ القطريةُ أن الجوانب الإيجابية في مؤسساتنا الأهلية لم تكن عائقًا أمام التطور، بل عاملًا مساعدًا فيه، وشكلت قاعدة راسخة مكنتنا من الجمع بين أصالتنا وحداثتنا.
بعد أن تُناقشوا هذه التعديلات، وبعد أن أتلقى ما سيتوصل إليه مجلسكم الموقر، وحرصًا منا على أن يشارك جميع المواطنين معنا في بناء صرح الوحدة الوطنية وإقرار المواطنة المتساوية، وتعزيزًا للمشاركة الشعبية في الشأن العام، سوف تُطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي. وأدعو جميع المواطنين والمواطنات للمشاركة فيه.
الإخوة والأخوات،
في مثل هذه الأيام أتذكر بفخر أسلافَنا الذين تمسكوا بهذه الأرض وكافحوا من أجل البقاء عليها، ولم يبخلوا بالتضحيات، ومنهم من استُشهد في الذَّوْد عنها، وبنوا كيانًا وطنيًا في أحلك الظروف البيئية والاقتصادية. وأسترجع الامتحانات العسيرة التي عبرناها سويًا بفضل إيماننا وصمودنا ووعينا لوحدة مصيرنا. وأستعيد فرحَنا بالإنجازات وبابتسامات أبنائنا وبناتنا، متنبها لمسؤوليتنا عن مستقبلهم. وتتعزز قناعتي بأنه لا بديل عن الجمع بين الإرادة الصلبة والحكمة، وبأن قيمنا وأخلاقنا وتواضعنا وحبنا لوطننا هي مصادر قوتنا ومبرر ثقتنا بالمستقبل.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
ولا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أتوجه إليكم بخالص الشكر، متمنيًا لكم كل التوفيق والسداد في خدمة هذا الوطن، وطنِنا جميعًا.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.