همسة ود.. أجمل أنواع الحوار
يحتاجُ الإنسانُ إلى الحوارِ مع الآخرين، لكن قد يفقد الحوار متعته عندما يكون بين فكري المتحاورين فجوة وتباعد في المواقف، فهناك أناس لديهم مهارة خاصة في طرح الأفكار، بينما هناك أناس يسمعون أكثر مما يتكلمون وينصتون إلى الآخرين في صمتٍ ولا يبادرون بطرح الأفكار، هؤلاء الناس قد يكونون في نظر البعض مصدرًا للملل، فالإنسان بحاجةٍ إلى حوار متكافئ ومتعادل بين طرفيه، وليس حوارًا بين متحدثٍ وصامتٍ.
وأحيانًا يحتاجُ الإنسانُ لحوارٍ بقصد التفريغ الوجداني، فعندما يعبّر الإنسان عن نفسه ويتجاوز العثرات، ستمضي أصعب اللحظات عليه، فقد تكثر الهموم فجأة وتتراكم لدرجة نشعر معها بأننا أصبحنا عاجزين عن التعامل مع الأحمال النفسية الزائدة التي قد تسبب أمراضًا نفسيةً متعددةً، ولا سيما إن اختار الشخص كتمانها وإخفاءها، ويزداد الأمر صعوبة بحسب نوعية تلك المشاكل والضغوط، فقد تؤدي بعض المشاكل إلى الاكتئاب إن لم نقم بتفريغها والتحدّث عنها إلى صديق، فالتنفيس عن الانفعالات أمر صحي، لأن المشاعر السلبية إذا تراكمت بشكلٍ مستمرٍ تُشكّل عبئًا وضغطًا نفسيًا يفضي إلى مشكلاتٍ عاطفيةٍ ونفسيةٍ، وقد تتحول إلى جسدية في الكثير من الحالات، ولكن عندما يدعم المستمعُ الشخصَ الذي ينفس له من خلال إظهار التعاطف والاستماع الفعال، وإعادة صياغة ما قيل له، والتواصل البصري معه، يؤدي التواصل إلى التنفيس الذي يُقلل التوتر، ويقلل من الشعور بالوحدة، فعن طريق ذلك الحوار يزيح الإنسانُ همومَه، فالإنسان كائن اجتماعي بحاجةٍ إلى الاتصال بالآخرين وتجاذب أطراف الحديث معهم، وهناك بعض الناس عندما نحاورهم نجد في ذلك الحوار ترفًا لُغويًا ومتعةً فكريةً، وذلك لأنهم يملكون ثروةً ضخمةً من الكلمات ورشاقة تعبيرية لا تتعثر في اختيار المفردات المعبّرة عما يجول في خاطرهم، فالحديث مع هؤلاء القادرين على الدخول إلى القلب بطرق رائعة مهم، ولكن بشرط أن يترادفَ الصدق في التعبير مع الاقتصاد المعبّر الذي يؤدي إلى المعنى، حيث إن هناك الكثيرين الذين يتحفوننا بنهرٍ من الكلمات، لكنهم غير صادقين فيما يقولون، فيظل أجمل أنواع الحوار هو الذي بين صديقين بصدقٍ لا يعرف الإطراءَ ولا المجاملةَ ولا التزلف، حوار يبتعد عن كل ما يحيد عن الصدق والصحة.