مجرد رأي.. الطريق إلى الجناح الغربي (2)
معركة الولايات المتأرجحة
في أي انتخابات رئاسية أمريكية، تكون المعركة الحقيقية في الولايات المتأرجحة، تلك الولايات التي تتأرجح نتائجها بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وغالبًا ما تقرر من سيدخل الجَناح الغربي. انتخابات 2024 ليست استثناءً؛ فهي مواجهةٌ محتدمةٌ بين كامالا هاريس ودونالد ترامب لكسب أصوات الناخبين في هذه الولايات، حيث يعكس كل منهما رؤيةً مختلفةً لمستقبل الهُوية الأمريكيّة.
جورجيا وبنسلفانيا: التحولات الديموغرافية
تُعد جورجيا مثالًا صارخًا للتحوّلات السكانية، حيث زاد فيها عدد الناخبين من أصول إفريقية وشباب المدن، ما جعلها ساحة معركة رئيسية. كامالا هاريس تعتمد على دعم هذه الفئات، مركزة على قضايا مثل حقوق التصويت وإصلاح العدالة الجنائية. لكن هل يكفي خطاب التعددية لإحداث نصرٍ حاسمٍ في ولاية مثل جورجيا؟
أما بنسلفانيا، فهي ولاية صناعية تقليدية شهدت تراجعًا اقتصاديًا خلال العقود الأخيرة. ترامب، الذي حظي بدعم الطبقة العاملة البيضاء في انتخاباتٍ سابقةٍ، يسعى لاستعادة هذا التأييد من خلال وعوده بإحياء الصناعات التقليدية وزيادة فرص العمل. ومع ذلك، قد يصبح الناخبون في الضواحي، الذين تحولوا نحو الديمقراطيين في السنوات الأخيرة، عقبةً كبيرةً أمام عودته إلى البيت الأبيض.
أريزونا وويسكونسن: صراع القيم والهُوية
أريزونا، بتركيبتها السكانية المتنوعة وقربها من الحدود المكسيكية، هي ساحة معركة رئيسية في قضايا الهجرة والأمن. هاريس تسعى لجذب الناخبين من أصول لاتينية عبر وعودها بإصلاحٍ شاملٍ لسياسات الهجرة، بينما يركز ترامب على تعزيز سياسات الحدود الصارمة. فهل يستطيع أي من المرشحين تحقيق اختراق في هذه الولاية التي تعكس تباينًا عميقًا في الأولويات؟
وفي ويسكونسن، نجد صراع القيم بين المدن الليبرالية والمناطق الريفية المحافظة. بينما يدعم الديمقراطيون قضايا مثل الرعاية الصحية والتعليم، يركز الجمهوريون على قضايا مثل حق تملك السلاح والقيم التقليدية، في تنافسٍ يجسّد التباين الأيديولوجي العميق بين الفئتين.
نيفادا وميشيغان: رهان التصويت العمالي
في نيفادا، التي يعتمد اقتصادها على السياحة، تركز هاريس على تحسين ظروف العمل ودعم النقابات، في حين يحاول ترامب جذبَ الناخبين من أصحاب المصالح التِجارية بوعود تخفيض الضرائب وتقليل القيود الحكومية. أما في ميشيغان، الولاية الصناعية التي تعاني من تراجعٍ في الصناعات التقليدية، فيركز ترامب على وعود بإعادة الوظائف، بينما تعد هاريس ببرامج تدريب وتأهيل لمواكبة الاقتصاد الحديث.
الرأي الأخير: القرار النهائي في أيدي الولايات المتأرجحة، عندما تحتدم المنافسة، تصبح الولايات المتأرجحة المسرح الفعلي للمعركة على الجَناح الغربي. هذه الانتخابات ليست مجرد مواجهةٍ بين شخصين، بل هي تحديد لرؤية الولايات المتحدة: رؤية هاريس للتعددية والتقدم، أم رؤية ترامب للقيم التقليدية والسيادة الوطنية. الخِيار الآن في يد الناخبين الذين يمثلون روح الأمة وقلبها، ليقرروا من سيجلس في المكتب البيضاوي..
(«سعادة المجتمع هي هدف الحكومة» – جون آدامز)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
كاتب شؤون دولية وقانوني قطري
Twitter:@NawafAlThani