«كتاب الراحة»
بقلم/ سامي كمال الدين:
في اللحظات الصعبة من حياة الإنسان نحتاج إلى شيء ما من العزاء والسلوى، صخرة نتمسك بها حتى لا نسقط، ربما تكمن الصخرةُ في داخلنا، إذا توقفنا وبحثنا في الأعماق ربما نجد ما أرهقنا البحث عنه خارجنا، وربما من أراد توفير السعادة لك اقتطع ذلك من سعادته، لذلك يحدثنا مات هيغ، في مؤلفه «كتاب الراحة» ترجمة محمد الضبع، الصادر عن دار كلمات، عن قوارب النجاة التي تحمل الأفكار التي تساعدنا على أن نطفو قبل الغرق أو الخروج من الغابة، فأنت إذا سرت في خطٍ مستقيمٍ فسوف تخرج من الغابة التي ضعت فيها، أما إذا درت فيها حول نفسك أو مشيت في دوائر فسوف تعود إلى نفس النقطة التي انطلقت منها ولن تصلَ أبدًا.
كما أنك غير مطالبٍ بالحديث دائمًا، تستطيع أن تسمحَ لنفسك بالانتظار، أو كما قالت آن لاموت «المنارات لا تجري حول الجزر بحثًا عن قوارب لتنقذها، بل تقف مكانها وتضيء»، المهم أن تحافظَ على جوهرك.. فكرتك.. طرحك، وأن تكون لديك القوة للاستمرارية والخروج من دوائر الصمت والحزن في الوقت المناسب، فإذا صنع عقلك السجن فإنه يستطيع أن يوفرَ لك مفاتيح الخروج منه.
لا تيأس من التغيير، الزمن يغيّر الإنسان، بل الزمن نفسه يعني التغيير، هذه هي طبيعة الحياة، وهي سبب الأمل.
الأمل يهبك القدرة، والتجاوز يمنحك القوة «غفران ذنوب الذات يجعل العالم مكانًا أفضل، لا يمكنك أن تصبحَ شخصًا طيبًا إن آمنت أنك شخص سيئ».
تستطيع العثورَ على الأمل في القراءة، في الفن، في القصص، في الموسيقى، قد يأتي الأمل فجأة، ستشعر به، فهو ارتفاع وهبوط، للأمل ريش كما وصفته إيميلي ديكنسون.. تستطيع أن تقرأ القرآن، ليس بالطريقة الاعتيادية، لكن بالتأمل، لا أحد يهرول خلفك، اقرأ الآيات بتأنٍ وتمعنٍ.
الأمل هو أكثر الأشياء التي يجب عليك أن تتمسكَ بها في لحظات يأسك أو قلقك، المهم أن تفهمَ وتتفهمَ أن الأشياء تتغير، هذه هي حقيقة الأشياء، لست بعالم للغيب ولا مطلع عليه، فمن أدراك أن الغد مظلم، الحياة تتسع للنور والظلام، لكن لكي تتجاوزَ مشكلة عليك أن تنظرَ إليها، أن تضعها صوب عينيك لكي تحلّها، كيف تقرر الصعود إلى جبلٍ وأنت تتظاهر بأنه غير موجود؟!
من المهم كذلك أن تدركَ أن ما يسهل صعوبة الحياة: السعادة، والأمل، والحب، والقناعة، والاكتفاء. البعض يحكم على الآخرين بمقاييس مختلفة مثل المال والشكل والحجم وعدد المتابعين، لكن إذا قررت أنك أكبر من أن تُقاسَ، وأنك أنت الحياة، وأنك الفاعل في الجملة ستنجو من مقاييس الآخرين، ثم إن المشاعر كالطقس تتغيّر وتتحوّل وتتحرّك، وتذكر كم العقبات والأشياء التي مررت بها في حياتك ونجوت منها، ستكتشف أنك صخرة تحطم عليها العديد من الأشياء السابقة، ما سيمنحك صلابةً لمواجهة الأشياء القادمة، ولن يتمكنَ أحد من كسرك.
عليك أن تكونَ أنت قبل أن تبحثَ عن الأصدقاء، الصديق الحقيقي الصادق يمنحك البهجة والسعادة، لكن قبل ذلك يجب ألا تتحولَ إلى شخص آخر لأجل هذا الصديق، كن نفسك. صحيح، الجميع يؤثرون في بعضهم بعضًا، والجميع متصلون ببعضهم بعضًا، وأسرع طرق السعادة يمر عبر إسعاد شخص آخر، لكن من المهم أيضًا أن تجد معنى الحياة لديك ولديهم، وثق أنك لن تنالَ محبة الجميع، هذه حقيقة في الطبيعة البشرية، ثم إنك لن تستطيعَ تغييرَ الآخرين، غيّر من نفسك أولًا وتعلم أن تقولَ لا للأشياء التي تقف في طريق حياتك أو الأشياء غير المقتنع بها، لكن ثق أن الوحدة قانون من قوانين الطبيعة، لذا يتحد الناس في مساعدة بعضهم بعضًا على مستوى الجيران أو على مستوى الأمم في إنشاء مؤسسات حقوق الإنسان ومواجهة كوارث الطبيعة.
أطلق سراح ماضيك واغفر لنفسك، لا تحبسه داخلك، دعه يغادر مثل خروج الهواء من النافذة، لا تدخل المتاهة فتضيع في الأمس، والحاضر معك، والمستقبل يفرد لك ذراعيه، دع كل شيء يجري مثل النهر، المهم أن تغادرَ خيباتك.
هناك مثل صربي يقول:
كن متواضعًا لأنك خُلقت من الأرض.
كن نبيلًا لأنك خُلقت من النجوم.
إعلامي مصري