كتاب الراية

الباب المفتوح …. صناعة المنظمة

لصناعة منظمة بالمفهوم الاستراتيجي، لا بد من إدراك مساحات العمل بكل الاتجاهات، فمفهومُ نظرية المنظمة أكبر من فكرة نجاح عمل أو صناعة ما، أو مال أو تجمع ثقافي أو سياسي أو غير ذلك، إنما هو -بشكل مباشر- العملُ بعدة اتجاهات ذات علاقة وتأثير مباشر وغير مباشر، لتحقيق عدة استراتيجيات على فترات زمنية مختلفة، تحت مظلة التنويع الكفء في النشاط لتقليل المخاطر، بمعنى أن يُبنى الهيكل على نشاط اقتصادي بكل مكوناته المعروفة المالية والإدارية والتسويقية، يُدعم بنشاط اجتماعي مُكثف بين الآنِيّ والاستراتيجي، ضمن خطة وسياق عام، ومرونة في آليات التطبيق، يسانده نشاط صناعة التوجه الثقافي، لأن الاستراتيجيات تعتمد بالضرورة على مجموعة المكون الثقافي من ثقافة استهلاك، أو سياسة أو اجتماعيات إلى غير ذلك، ثم يأتي بعد ذلك صناعة التحالفات، المبنية على وحدة الهدف والمصالح المُشتركة التكاملية، ثم تحتاجُ المنظمة إلى آليات عمل مرنة تحتوي على أنظمة اتصال داخلية متكاملة فعالة، ونظام علاقات عامة موحد، وتحديد خطوط السلطة والصلاحية المبني على توزيع المهام حسب وصف المهمة ومواصفات القائم عليها، ولا يُمكن أن ينجح كل ذلك دون وجود بيئة حاضنة تتميز بالهدوء بالمعنى «الإداري التنفيذي» تحت هيكل تنظيمي مُتماسك وهرمية مركزية من الناحية الاستراتيجية، على عكس ما يتم تقديمُه في بعض الكتب الإدارية والمدارس الإدارية حول اللا مركزية، فهي لا تصلح قطعيًا في بناء نظرية المنظمة على مستوى الهرم الوظيفي، وإنما يمكن تطبيقها فقط في العمليات التشغيلية والإدارات الوسطى، ويشار بذلك إلى الإدارة اليابانية والوجه الإداري في الرأسمالية، وبطبيعة الحال المنهج الاشتراكي وبعده العَقَدي الشيوعي، أما الهدف من الطرح هو أن إدراك ما تحتاجه مؤسسة ما أو مجموعة أفراد أو دول، في مستقبل وجودهم له الدور المحوري في اختيار الطريقة الأنسب للقيام بذلك، لهذا نقول إن تصوُّر النتيجة هو أقرب طريق لتحقيقها. هنالك عنصر مُهم جدًا في إنجاح نظريات المنظمة وآليات تطبيقها، إنهم الأشخاص القائمون عليها، وكذلك لا بد من التفريق بين المعارف العلمية المتحصلين عليها والقناعات الاجتماعية والثقافية المعتمدين لها في الإدارة، خصوصًا في التوظيف وآليات الترقي.

ويبقى الطرح قائمًا، هل يمكن أن يكون مبدأ تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع هو معيار التشغيل والترقي، وهل يمكن أن يتم إقصاءُ كل العوامل الأخرى التي لا يتم التصريح بها، ولكن عادةً ما تكون هي أساس الاختيار، كاللون أو الجنس أو المنبت، أو الانتماء الحزبي، أو التوجُّه الأيديولوجي أو غيرها من العوامل المؤثرة المخفية، وقد ناقشنا هذه العوامل في طرح سابق، والاستنتاج هنا هو أنه يجب العمل على تحييد هذه العوامل إذا كنا جادين في عمليات البناء والتطوير، وذلك من خلال تحييد النمط الفكري للإداريين وجعل مفهوم الكفاءة الشاملة هو المقياس، أما بالنسبة لانتشار نظرية المُختارين فإنها لا تُحيِّد فقط الأكفاء من القوى العاملة، ولكن ترفع الحساب والرقابة والعقاب عن المُختارين، وهم الذين تم اختيارهم ورفعهم فوق مستوى التنافس مع الآخرين.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X