همسة في التنمية.. حقيقة الاحتراق الوظيفي
يُعبِّر الاحتراق الوظيفي عن حالةٍ من الإرهاق الجسدي والعقلي والوجداني، تنتج عن التعرّض المستمر للإجهاد والإحباط في بيئة العمل. يعاني العديد من الأفراد من هذا النوع من الإرهاق دون أن يدركوا طبيعته أو أسبابه، حيث يتسلل الاحتراق تدريجيًا ليؤثر سلبًا على الأداء المهني والرضا الشخصي، وأسبابه تندرج تحت عدة نقاط رئيسية، أولًا: زيادة متطلبات العمل، حيث تؤدي المسؤوليات المتراكمة والمهام الصعبة إلى رفع مستويات التوتر، وتؤثر سلبًا على تركيز الفرد وقدرته على الأداء، ثانيًا نقص الدعم والتقدير، إذ يشعر الأفراد أحيانًا بعدم التقدير أو الإهمال من قِبل زملائهم أو رؤسائهم، ما يفاقم الإحباط والشعور بالعزلة، ومن جهة أخرى، غياب التوازن بين الحياة الشخصية والعملية يعد من أبرز أسباب الاحتراق الوظيفي، حيث يؤدي الانشغال الدائم بالعمل إلى إهمال الفرد جوانب حياته الشخصية، ما يزيد من احتمالية الاحتراق. وأخيرًا، الروتين والملل الناتجان عن تَكرار المهام بصورة نمطية وعدم وجود تحديات جديدة، قد يساهمان في فِقدان الحافز ويزيدان من احتمالية التعرض للاحتراق.
وتختلف أعراض الاحتراق الوظيفي بين الأفراد، إلا أن هناك علامات شائعة تدل عليه، مثل الشعور المستمر بالإرهاق، وهو أحد أبرز هذه الأعراض، حيث يشعر الفرد بالتعب الدائم وعدم القدرة على الاسترخاء حتى خارج أوقات العمل. كما أن انخفاض الإنتاجية يظهر بوضوح، إذ يصبح العمل عبئًا بدلًا من أن يكونَ مصدرًا للإلهام والتحفيز، ويقل الأداء والتركيز، إضافة إلى ظهور العديد من السلوكيات السلبية التي تتضمن نظرةً متشائمةً تجاه العمل والزملاء، ما يضعف الرغبة في التواصل والتعاون. ولا يُهمل الجانب الصحي أيضًا، حيث يمكن أن يؤدّي الاحتراق الوظيفي إلى مشاكل صحية متنوّعة مثل الصداع، والأرق، والقلق.
في الختام، الاحتراق الوظيفي يُمثل تحديًا شائعًا في بيئات العمل الحديثة، لكن عند الوعي بأسبابه والتعرّف على طرق التعامل معه، يمكن للفرد تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية، ما يعزز أداءه وراحته النفسية من خلال الاعتراف بالمشكلة والسعي لحلها، وهذا عبر تنظيم الأولويات وتحديد الأمور الأكثر أهمية لتقليل الشعور بالإرهاق، ومن المفيد أيضًا التواصل مع الإدارة لمناقشة الصعوبات والضغوط التي يواجهها الفرد في العمل، وطلب الدعم المناسب عند الحاجة، كما يُنصح بتخصيص وقتٍ للراحة والاسترخاء، ما يخفف من التوتر ويساعد على إعادة شحن الطاقة، ويُعد تطوير المهارات الشخصية وإدارة الضغط والتفكير الإيجابي من الأدوات المُفيدة في مواجهة التحديات.
خبير التنمية البشرية
Instegram: @rqebaisi