من جراح الكلمات إلى أجنحة القوة
بقلم/ نوت الدوسري:
التنمر هو ظل ثقيل يلقي بظلاله على قلوب الصغار والكبار، متسلًلًا بأساليبه الخفية إلى حياتهم، فيحجب عنهم شعاع الثقة ويضعف صوت الأمل بداخلهم. قد يبدأ التنمر بكلمة جارحة، نظرة مستهزئة، أو تعليق عابر، لكنه يترك أثرًا يشبه الندوب على الروح، ندوب قد لا ترى لكنها تشعر بعمق.
لكن ماذا لو أخبرنا كل من تعرض للتنمر أن القوة التي يبحث عنها لمواجهة الألم ليست بعيدة؟ إنها قريبة، تنبع من الداخل، من إدراكهم لقيمتهم بعيدًا عن آراء الآخرين. تبدأ المواجهة حين يختار الفرد أن ينظر إلى المتنمر على أنه انعكاس لضعف الآخرين، لا نقص فيه. وحين تتجسد هذه الفكرة، يصبح التحدث عن التجربة قوة لا ضعفًا، ويغدو التواصل مع أشخاص داعمين كالأصدقاء والعائلة ملاذًا يمكنهم من استعادة توازنهم.
وفي رحلة مواجهة التنمر، يبقى احترام الذات هو الدرع الأسمى، فحين يتعلم الشخص أن يحترم ذاته ويرى جماله الداخلي، يستطيع أن يبني حصنًا منيعًا لا يستطيع التنمر اختراقه. وتعزيز الإيجابية يشعل نورًا في قلبه لا يطفئه أحد، ويجعله يرى الحياة من زاوية أكثر وضوحًا، بعيدًا عن ظلال الكلمات الجارحة.
علينا أن ندرك أن التنمر ليس مسألة فردية، بل قضية مجتمع بأكمله. إذ تكمن قوتنا في تعاوننا جميعًا لنشر التوعية وإعلاء صوت الاحترام، حتى ينشأ جيل لا يخشى أن يكون مختلفًا، وبيئة تعانق الاختلاف بمحبة.
فلتكن رسالتنا واضحة لكل فرد حق في أن يعيش بكرامة، وأن ينمو في بيئة تحتضنه وتدعمه ليكتشف قواه الداخلية، لأن القوة الحقيقة لا تكمن في رد الإساءة، بل في القدرة على الوقوف بثبات وأمل، مهما كانت الرياح عاتية.