مجتمع متنمر.. بالعربي الفصيح
المُتأمل في أحوال الخلق يستطيع أن يرى بوضوحٍ انتشارَ التنمر في المجتمع بشكل لا يليق بمجتمعٍ مسلمٍ يدين بدين الرحمة والإنسانية.
والتنمر لمن لا يعرفه – أشك أن هناك من لا يعرفه – لأنني أكاد أجزم أن الجميع يتعرّض للتنمر بشكل أو بآخر، هو تعمد الإساءة إلى الإنسان بقصد أذيته عمدًا؛ سواء كانت الأذية جسدية أو نفسية، وهو سلوك منتشر حتى بين الأطفال، وهنا تكمن خطورة الأمر، فإذا نشأ الناشئة على شيء يشيبون عليه، لأنه يتأصل ويتجذر فيهم، فحين يشكو طفل من رفاقه في الصف الأول الابتدائي بسبب سخريتهم منه وتعمد جرحه وإهانته من غير ذنب، فهذه شكوى تتطلب وقفةً جادةً من القائمين على التربية في البيوت، والتعليم في المدارس. فيجب ألا يتعاملوا مع هذا الموقف أو ما شابهه ببساطة، لا بد من وقفةٍ حازمةٍ تقتلع الجذور الفاسدة من النفوس النقية؛ حتى لا يكبر الأطفال قساة جفاة. فهذا واجبكم نحوهم، وهو واجب أصيل في التربية والتعليم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. فإذا تجاهلتم هذا الدور، وكنتم مثالًا سيئًا لهم، نلتم عقاب الدنيا والآخرة، فالإيذاء سلوك محرّم شرعًا، وعقابه وخيم لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا»، وأرى أن مكافحة التنمر مسؤولية مجتمعية مشتركة، لأن حماية المجتمع من الآفات واجب الجميع، وإلا غرقت السفينة بمن فيها !
أما أنت أيها المتنمر فعليك بمراجعة إيمانك وتصحيح إسلامك، لأنك تخالف أوامر الله عزّ وجلّ، وتتجاوز نواهيه الصريحة. فأين أنت من قوله عزَّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ من قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».
واعلم أن من ينتهج هذا السلوك المريض، هو مريض يحتاج إلى غسل قلب عاجل، لعل وعسى أن يُشفى مما توغل فيه من خسةٍ ودناءةٍ.