دنيا … التعديل الوزاري.. المفهوم والهدف
شاء لي الحظ أن أواكب إنشاء أول وزارة في قطر مطلع السبعينيات الماضية، وجميع التغييرات أو التعديلات على جميع الوزارات منذ ذلك التاريخ حتى الآن وأحمد الله على ذلك حمدًا كثيرًا.
مفهوم التغيير مفهوم إرادي بمعنى أنه في يد من يملك السلطة في حين أن مفهوم التغيُّر غير إرادي، وإنما تفرضه الظروف وهو مفهوم أعم من مفهوم التغيير، الوزارة أو مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية في كل بلد، فبالتالي من الضروري جدًا أن تكون ذات صفة ديناميكية، كما أن أي تغيير أو تعديل فيها له من الأسباب الكثير، ليست بالضرورة تنطبق عليها ثنائية النجاح والفشل، وإنما قد يكون الأنسب في مرحلة ليس هو الأنسب في مرحلة أخرى، ثمة صورة ذهنية في عقلية المجتمع ترسخت دونما وعي يربط كل تغيير على هذا المستوى بنتائج المراحل المدرسية (ناجح وراسب) وفي هذا ظلم عظيم لهذا المستوى من الوظائف والمسؤوليات، كثير من أنجح الوزراء تم تغييره لتغير ظروف المرحلة، وكثير جيء بهم لأن المرحلة تتطلبهم ككوادر فنية أو إدارية، علينا أن ندرك أن الهدف من كل تغيير أو تعديل هو مواكبة الظروف الداخلية والخارجية وبما أنها متغيرة ومختلفة فبالتالي تتغير الشخوص بما يناسب هذا التغير المُحيط. مر على قطر منذ إنشاء أول وزارة عقود عديدة، كمراقب أرى أن كل تغيير أو تعديل تم منذ ذلك التاريخ ارتبط بالتغيرات على الواقع وعلى مستوى المحيط الإقليمي والعالمي، أول وزارة استمرت ما يقارب العقدين لأن التغيُر كان بطيئًا بين انتقال الدولة من الاستقلال حتى بناء المؤسسات وما تلا ذلك من تغييرات كان سريعًا أو أكثر سرعة مع امتلاك صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، زمام الحكم ودخول قطر مرحلة بناء وتحديث جديدة وسريعة، بعد ذلك تسلم الشباب زمام الأمور بتولي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، زمام الأمور أميرًا للدولة، فأصبح للتغير الحكومي أو الوزاري معنًى آخر مقياسه الابتكار والقدرة على الإبداع، وهاتان الركيزتان: الابتكار والإبداع، يمتلكها الكثير إلا أن مدة الإنجاز فيها قصيرة لا تزيد على عدد من السنين التي قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهو مانراه في جميع الدول المُتقدمة: أربع أو خمس سنوات، ثم يحدث التغيير في معظم الصعد، والمستويات أو الأبدال والاستبدال لماذا؟ لأن قدرة الشخص على الإبداع والابتكار هي في سنواته الأولى من المنصب بعدها يكون قد أعطى كل ماعنده، رؤية مُتقدمة تتبناها القيادة الشابة، أتذكرها الآن مع صدور الأمر الأميري السامي رقم 2 لسنة 2024 بتعديل تشكيل مجلس الوزراء، ومن خلاله يبدو الهدف واضحًا وهو التجديد لمزيد من العطاء والإبداع فشكرًا لكل من ترك بصمة إنجاز في صفحة الوطن من أولئك الذين تركوا مناصبهم بعد التعديل الوزاري الجديد، وأمنية من القلب لهم بمزيد من النجاح في حياتهم الشخصية والعملية، وكل الدعاء والتوفيق لجميع من تبوَّأ مسؤولية أو منصبًا جديدًا، أثَر هذا الأمر السامي وإلى مزيد من العمل والإبداع.
فسمعًا وطاعةً
طالما الهدف مصلحة قطر.. فالجميع لقطر وقطر للجميع.