اقتصاديات.. المجمع العسكري الصناعي (MIC)
ليس غريبًا على الولايات المتحدة الأمريكية بأيديولوجيتها الفكرية الموجهة للنظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي المعاصر، أن تفخر بإدارتها الفاعلة لنشاطات المجمع العسكري الصناعي لديها، والمعروف اسمه اختصارًا بـ (MIC)، نظرًا لاحتوائه على العَلاقة الوثيقة المتداخله بين القوات المسلحة الأمريكية، وشركات صناعة الأسلحة، والمؤسسات السياسية الأمريكية، وأهمها الكونجرس بغرفتيه، الشيوخ والنواب، التي تشكل في مجموعها جزءًا من الحكومة العميقة ذات التأثير المباشر وغير المباشر على القرارات السياسية والبرامج الاقتصادية بداخل الولايات المتحدة وأيضًا خارجها. ناهيك عن حجم الإيرادات السنوية المتحصلة من المجمع، وتصب في الخزانة الأمريكية بقيمة لا تقل عن 100 مليار دولار، ما يشكّل أحد أجهزة توليد الدخل الرئيسية للخزانة الأمريكية بعد الضرائب الكلية (أفراد وشركات ورسوم دولية) وقطاع التكنولوجيا والخِدمات والطاقة.
أهم ما يصبو إليه المجمعُ العسكري الصناعي من أهدافٍ يتمثل في تأمين المصالح العُليا للولايات المتحدة وتحقيق الأمن القومي (حتى لو كان على حساب الآخر)، وهذا يأتي من منطلق «الغاية تبرر الوسيلة» جوهر الميكافيللية الأمريكية. هذان الهدفان يتحققان عبر وسائل التوسع العسكري والسيطرة الدولية بمختلِف بقاع العالم، والتأثير على توجهات السياسة الخارجية للولايات المتحدة وتوسيع نفوذها، خاصة بالمناطق محل الثروات ومصادر الطاقة في العالم، ثم ضمان العوائد والأرباح لشركات الأسلحة من خلال الصفقات الدولية. وعليه، تتحقق الفوائد للولايات المتحدة عن طريق إنتاج وبيع الأسلحة للداخل الأمريكي وخارجه، أي لحلفائها، تعزيزًا للعَلاقات الاقتصادية والعسكرية الثنائية ومتعددة الأطراف على السواء.
الجدير ذكره هنا أن القوة العسكرية المتنامية لأمريكا تتيح لها إمكانية التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الدول الأخرى، ما يعزز نفوذها ونفوذ حلفائها، ومنها تحدث الأزمات تباعًا، خاصة إذا علمنا أن الأزمات هي سمة تاريخية في مسار الرأسمالية العالمية، خاصة مع استمرارية الفلسفة الاقتصادية والمذهب البراجماتي للولايات المتحدة، وتطوير وتعزيز هيمنتها ونفوذها العسكري والاقتصادي، حيث تسخّر جزءًا كبيرًا منه لمصلحة «حليفتها» المدللة والمريضة عقديًا وسياسيًا، ثم أطماعها التوسعية وتدخلاتها الدولية المستمرة. تُرى هل هو حُلم مستحيل التحقق لدى عالمنا العربي، أن يتواجد فيه حقيقة مجمع عسكري صناعي – ذو فلسفة وأهداف مغايرة طبعًا -، تساهم فيه جميع الدول العربية لأجل الوصول إلى تأمين المصالح العُليا للوطن العربي وتحقيق الأمن القومي، رغم المعوقات والتحديات الجسام؟
خبير اقتصادي