إحياء التراث والحفاظ على الهوية عبر السرد القصصي وورش الخط
عائشة السلطان: التركيز على دمج التعلم الثقافي والفني في التجربة التعليمية
الدوحة – عبدالمجيد حمدي:
بعد أيام قليلة تنطلق فعالية الغرّة للآداب والفنون، التى تنظمها مؤسسة قطر في الفترة من 28 نوفمبر الجاري حتى 2 ديسمبر 2024 في المدينة التعليمية، برعاية صندوق دعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية (دعم) حيث ستشكل الفعالية مِنصّةً نابضةً بالحياة تزخر بالتراث الثقافي والفني للحضارات العربية الإسلامية بمختلف أشكاله ومخرجاته، ليحظى الجميع بتجرِبةٍ استثنائيةٍ.
وتعتبر الفعالية مِنصةً لإحياء الثقافة والحضارة العربية والإسلامية، حيث يتم تقديم مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية والثقافية وورش العمل التي تركز على تحقيق هدف إحياء التراث والحفاظ على الهوية ومنها على سبيل المثال ورش الخط العربي والسرد القصصي التي يقدمها متخصصون في هذه المجالات بهدف تحقيق الغاية من الفعالية وتعزيز قيمة التراث.
وقالت عائشة السلطان منسق الفنون الأدائية بالتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر: إن التعليم ما قبل الجامعي يلعب دورًا أساسيًا في فعالية «الغرة»، مع التركيز بشكل كبير على دمج التعلم الثقافي والفني في التجربة التعليمية لطلابنا، تشمل مشاركتنا عددًا من البرامج، منها مسابقة الأداء المسرحي وإلقاء الشعر، وهما يهدفان إلى تعزيز ارتباط الطلاب بالإرث الغني للحضارات العربية والإسلامية حيث نشجع الطلاب على التعمق في الأدب التقليدي من خلال هذه العروض، ما يعزز تقديرهم للسرد القصصي التقليدي والروايات التاريخية. ولفتت إلى أن المُشاركة تشمل أيضًا أمسية شتوية موسيقية بعنوان «ذكرياتنا»، التي تحفل بالمواهب الموسيقية من مُختلف جوقات مدارسِ مؤسسة قطر، بمشاركة الطلاب (221 طالبًا وطالبة من مُختلف الأعمار) موضحة أنه في هذا العام، يتبنى الحفل موضوع الأهازيج والأغاني الشعبية والوطنية، والألحان المحبوبة التي رافقت الأجيال في مناسبات اجتماعية متنوعة.
وأشارت إلى أنه من خلال الاختيار الدقيق لهذه الأغاني والأهازيج، نسعى إلى تكريم التراث الثقافي القطري وتعزيز الهوية الوطنية، والتذكير بجذورنا الثقافية التي تجمع الشعب القطري وستتاح لكل جوقة من مدارس مؤسسة قطر فرصة تقديم عروض غنائية إما بشكل فردي أو بالتعاون مع مدارس أخرى، ما يضفي روح الوحدة والإبداع على خشبة المسرح.
وأضافت أنه سيشارك في هذه الأمسية أيضًا 25 طالبًا من أكاديمية قطر للموسيقى بتقديم عروض موسيقية على الآلات العربية التقليدية في أداء ثلاث أغانٍ إلى جانب جوقات المدارس، ما سيُثري التجربة الموسيقية بشكل كبير، موضحة أنه من خلال إشراك الطلاب في فعاليات مثل «الغرة»، نهدف في مؤسسة قطر إلى تعزيز المهارات الشخصية الأساسية مثل الإبداع، والتواصل، والعمل الجماعي، والتقدير الثقافي حيث إن هذه الأنشطة توفر فرصة فريدة للطلاب للتعلم خارج الفصول الدراسية، واكتساب أدوات وقنواتٍ جديدة تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم ونظرتهم للعالم بأشكالٍ مختلفة.
وبذلك نطلق قدراتهم الإبداعية ونشجعهم على التفكير النقدي والتعاون الفعّال، وهم يحتفون بإرثهم الثقافي.
إبراهيم البشري: «الغرة» أول فعالية في قطر تُخصص لفن السرد القصصي
قال السيد إبراهيم البشري أخصائي معلومات أول بمكتبة قطر الوطنية، -مكتبة الأطفال واليافعين- إنه سوف يشارك في فعالية الغرة للفنون والآداب من خلال جلسات السرد القصصي في الفعالية التي تنظمها مؤسسة قطر، والتي تُعد حدثًا مميزًا لأنها أول فعالية في قطر تُخصص لفن السرد القصصي والأدب.
وأضاف أنه خلال جلسات السرد القصصي التي سيقوم بتقديمها سوف يركز على جذب الأطفال عبر قصص مُمتعة، تحمل في طياتها رسائل تعكس الثقافة والقيم والتقاليد القطرية، موضحًا أنه اختارالقصص بعناية لتكون مملوءة بالتشويق والتعلم، حيث يهدف من خلالها إلى غرس حب الحكاية في نفوس الأطفال، وإلهامهم لفهم أهمية التراث الثقافي كما أنه سيعتمد على أساليب سردية تفاعلية تُشرك الأطفال في الأحداث، ما يُعزز من خيالهم ويمنحهم فرصة للتعبير عن أفكارهم.
وأكد أن هذه الفعالية ليست مجرد سرد للقصص، بل هي تجربة تجمع العائلات للاحتفاء بفن السرد معبرًا عن إيمانه بأنها ستكون منصة رائعة لتحفيز الجيل القادم من الحكّائين والقراء في قطر.
وأشار إلى أن السرد القصصي كان ولا يزال ركيزة أساسية في الحفاظ على الثقافة فهو جسر يصل بين الأجيال، ينقل القيم والتقاليد والأحداث التاريخية بطريقة مشوقة وسهلة التذكر على مدار قرون طويلة، فقد كان السرد الشفهي الوسيلة الرئيسية لتوثيق ونقل التاريخ، خصوصًا في مجتمعاتنا حيث كان الحكي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية.
ولفت إلى أنه من خلال القصص، نحافظ على تراثنا حيًا فالقصص تحمل بين طياتها دروسًا وحكمة وشعورًا بالانتماء الذي يعمق ارتباطنا بجذورنا كما يلعب السرد القصصي دورًا مهمًا في تعليم الأطفال عن ثقافتهم بأسلوب يمس قلوبهم ويثير فضولهم، ما يغرس فيهم الفخر والانتماء.
وأوضح أنه في عالم اليومَ الذي تسوده العولمة، يُسهم السرد القصصي في تعزيز الفهم الثقافي والتقدير بين الشعوب المُختلفة، وعندما نشارك قصصنا الفريدة، نُسهم في إثراء السرد الإنساني الشامل، ما يضمن أن يُحتفى بتراثنا ويُحترم على نطاق عالمي.
وتابع: إنه عبر فعاليات مثل الغُرّة، لا نحافظ على ثقافتنا فحسب، بل نُلهم الآخرين أيضًا للاعتزاز بتقاليدهم ومشاركتها فالسرد القصصي أكثر من مجرد وسيلة ترفيه، إنه أداة قوية لاستمرارية الثقافة والتعليم.
رزان الأقرع: الفعالية تجعل الفنون الإسلامية في متناول الجمهور
قالت رزان الأقرع أستاذة الخط العربي، التي ستقدم ورشة عن الخط العربي خلال فعالية الغرة، إنها من عشاق الخط، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، حظيت بشرف الدراسة على يد الخطاطين المشهورين والبارزين فى هذا المجال، ما جعلها تحصل على إجازة رسمية من هؤلاء الخطاطين والأساتذة، لتقليدهم والسير على دربهم في تدريس الخط.
وأشارت إلى أن الخط العربي يحتل مكانة خاصة في التراث الإسلامي، ليس فقط كشكل فني ولكن كوسيلة لحفظ الوحي الإلهي، وتكريمه على مر التاريخ، فقد كان الخطاطون مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالقرآن، حيث استخدموا حرفتهم لنقل التبجيل والتميز والإحسان وحب الرسالة المُقدسة.
وأوضحت أن مهرجان «الغُرّة» يلعب دورًا محوريًا في جعل الفنون الإسلامية في متناول الجمهور، وأنه من خلال ورش العمل التي يُقدمها، سوف يحصلُ المشاركون على فرصة التعرف على أشكال فنية مُتنوعة، ما يُساعدهم على الاتصال بتراثنا الثري وتقديره حيث تسلط هذه الورش الضوء على كيفية سعي الفنون الإسلامية بجميع أشكالها إلى تجميل حياتنا والعالم من حولنا.
وقالت: أنا شغوفة بشكل خاص بتعليم الخط العربي للأطفال، فالعديدُ من الأطفال قد لا تتاح لهم فرصة استكشاف هذا الفن الجميل، وتهدف ورش العمل التي أقدمها إلى سد هذه الفجوة من خلال تعريفهم بانضباط فن الخط، مع التركيز على الارتباط الروحي بين هذا الفن والقرآن الكريم.
ولفتت إلى أنه خلال ورشة العمل التي ستقدمها، سيحظى الطلاب بفرصة تعلم فن الكتابة باستخدام قلم القصب التقليدي والحبر، تمامًا كما كان يفعل أساتذة الخط في الماضي وستربطهم هذه التجربة العملية بممارسات وتقنيات عمرها قرون، مُقدمة لهم لمحة عن الانضباط والتفاني المطلوبين في فن الخط.
وأعربت عن أملها أن تقدم هذه الورش تقديرًا عميقًا ومحبة لتراثنا الغني وثقافتنا موضحة أنها من خلال هذه التجربة، تهدف إلى غرس شعور بالفخر بتقاليدنا الفنية، مع تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على هذه الفنون الإسلامية الخالدة للأجيال القادمة.