افتتاح معرض «الطريق نحو السلام» .. اليوم
توثيق مسيرة قطر الحافلة بالإنجازات في مجال الوساطة عالميًا
جلسة نقاشية تتناول قضايا السلام والوساطة في تسوية النزاعات
الوساطات القطرية نزعت فتيل الأزمات ونجحت في التوفيق بين الفرقاء
دور قطري بارز في التوصل للمصالحة الوطنية الفلسطينية عام 2012
الدوحة استضافت مباحثات غير مباشرة بين أمريكا وإيران بوساطة أوروبية
الدوحة – قنا:
الطريق نحو السلام، ركيزة أساسية اعتمدتها السياسة الخارجية لدولة قطر في التعامل مع الملفات الساخنة عالميًا، وساعدها على التميز في ذلك عوامل عدة، أهمها الثقة الدولية في قدرة قطر على حلحلة كافة القضايا الملتهبة بين الأطراف المتصارعة.
ولإلقاء الضوء على مسيرة قطر الحافلة في مجال الوساطة عالميًا، سيفتتح في منتدى الدوحة اليوم معرض الوساطة «الطريق نحو السلام» الذي أعده مكتب الإعلام الدولي، وسيبرز جهود دولة قطر في الوساطة ومبادراتها في بناء السلام، كما ستتضمن فعاليات المنتدى جلسة نقاشية ستتناول قضايا السلام، والوساطة في تسوية النزاعات.
وسيوفر المعرض للزوار فهمًا أعمق لمعنى الوساطة، وسيستعرض تأثير دور دولة قطر كطرف دولي موثوق في تعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة حول العالم، وسيعطي لمحة عن النجاحات القطرية المتعددة في هذا المجال.
ولطالما حفل سجل الوساطات القطرية دوليًا بنجاحات متعددة، سواءٌ على مستوى الصراعات بين دول متنازعة، أو جماعات ومجموعات سياسية، أو جماعات مسلحة، أو قوى معارضة، إذ تعود دعائم النجاحات القطرية في هذا الاتجاه إلى الإمكانيات الدبلوماسية والعلاقات القطرية القوية مع الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى الأهمية التي توليها الدولة لهذا الجانب، وانتهاجها مبدأ الحياد تجاه الأطراف المختلفة في تلك الملفات، ووقوفها على نفس المسافة من كافة الأطراف بما يجعلها طرفًا موثوقًا به من الجميع.
أبرز الملفات
ومن أبرز الملفات التي قادتها دولة قطر في مجال الوساطة، الإفراج عن الممرضات البلغاريات في ليبيا، حيث كللت تلك بإنهاء أزمة الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007، في صفقة تم بموجبها الإفراج عنهم بعد 8 سنوات في السجن.
وكانت الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني، الذي تم منحه الجنسية البلغارية لاحقًا، قد حوكموا في ليبيا بتهمة نقل الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) عمدًا إلى 450 طفلًا ليبيًا، وصدر بحقهم حكم بالإعدام، تم تخفيفه لاحقًا إلى السجن مدى الحياة، قبل أن يتم الإفراج عنهم بوساطة ناجحة لقطر.
وشمل اتفاق إطلاق سراح الموقوفين الستة إنشاء «الصندوق الليبي من أجل الأطفال المصابين بالإيدز»، الذي ساهمت فيه دولة قطر وجمهورية التشيك. وقد صرف الصندوق مليون دولار أمريكي لعائلة كل طفل من المصابين، فضلًا عن تعهد فرنسا بتجهيز مستشفى بمدينة «بنغازي»، وتدريب طاقمه لمدة 5 أعوام، بالإضافة إلى تدريب 50 طبيبًا آخرين.
وفي ملف آخر يؤكد نجاح الدبلوماسية القطرية، وقعت الأطراف اللبنانية في الدوحة، يوم 21 مايو 2008، اتفاقًا توصلت إليه بوساطة الدوحة، بعد 18 شهرًا من أزمة سياسية عصفت بالبلاد، حيث أفضى «اتفاق الدوحة» إلى انتخاب قائد للجيش آنذاك ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية، وإقرار قانون الانتخابات الذي قسم العاصمة بيروت إلى 3 مناطق، فضلًا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية.
المصالحة الفلسطينية
وكان لدولة قطر دور بارز في التوصل إلى هدنة بين الفصائل الفلسطينية والكيان الإسرائيلي خلال الحروب التي شنها الأخير على قطاع غزة في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021، وأيضًا جهود وساطة في العدوان الإسرائيلي الحالي على القطاع الذي اندلع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقبل ذلك، استضافت الدوحة، في 14 يوليو 2011، مراسم توقيع ممثلي الحكومة السودانية وحركة «التحرير والعدالة» الوثيقة النهائية للسلام في دارفور، بوساطة قطرية ناجحة بين طرفي النزاع، اللذين خاضا مفاوضات استمرت عامين ونصف العام.
جيبوتي وإريتريا
وفي شهر مارس من عام 2011، نجحت دولة قطر، بعد فترة طويلة من مساعيها التصالحية، في إبرام اتفاقية سلام بين حكومتي جيبوتي وإريتريا، لتسوية النزاع الحدودي القائم بينهما.
وبوساطة قطرية أيضًا، توصلت الحكومة السودانية من جهة، وحركة العدل والمساواة من جهة أخرى، إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة قطرية، في محاولة لإعادة إحياء عملية السلام المجمدة بينهما. وجاء الاتفاق في أعقاب تصاعد القتال في إقليم دارفور، وخرق اتفاق آخر تم توقيعه بوساطة قطرية أيضًا عام 2011.
كما أسفرت جهود الوساطة القطرية في مارس 2014 عن الإفراج عن 13 راهبة محتجزة في شمالي سوريا، وأثمرت تلك الجهود بعد محادثات منذ ديسمبر 2013 للتوسط من أجل إطلاق سراح المحتجزات.
وبعد مفاوضات بوساطة قطرية في يونيو 2014، جرى إطلاق سراح الرقيب بالجيش الأمريكي باو برغدال، وسلم إلى القوات الخاصة لبلاده في أفغانستان، وذلك مقابل إطلاق سراح خمسة أسرى من كبار حركة «طالبان» معتقلين في معتقل «غوانتانامو». وقد عملت قطر على الإفراج عن الجنود اللبنانيين ال16 الذين اختطفتهم «جبهة النصرة» في أغسطس 2014، ونجحت في تلك المهمة في الأول من ديسمبر 2015، مقابل إفراج الحكومة اللبنانية عن 25 سجينًا.
وفي 23 نوفمبر 2015، تمكنت قطر من لعب دور وساطة ناجحة بين قبائل «التبو» و»الطوارق» في ليبيا، وجرى توقيع اتفاق سلام بين القبيلتين بعد مفاوضات استمرت 4 أيام برعاية قطرية، حيث تعود جذور المشكلة بين الطرفين إلى مشاجرة بين رجال أمن من «الطوارق» ومواطنين من «التبو»، ازدادت حدتها لاحقًا، لتتحول إلى اشتباكات مسلحة بينهما.
وفي مشهد آخر لدور قطر الريادي في مجال الوساطة، نجحت المساعي القطرية في الإفراج عن أسرى جيبوتيين لدى إريتريا ضمن وساطة بين الطرفين، ليعود الأسرى إلى بلدهم على متن طائرة خاصة في مارس 2015.
السلام في أفغانستان
وفي إطار جهود إحلال السلام في أفغانستان، استضافت الدوحة مرات عديدة جلسات مفاوضات بين حركة «طالبان» والحكومة الأفغانية، حيث رعت قطر في مايو 2015 جولة مفاوضات بين ممثلين عن الحركة ومسؤولين أفغان بهدف إنهاء الحرب.
واستضافت الدوحة يوم 23 يناير 2017 توقيع اتفاق بين حكومة السودان وحركة «جيش تحرير السودان- الثورة الثانية»، بمناسبة استكمال عملية السلام في دارفور (غرب)، وفقًا لوثيقة الدوحة، كما استضافت قطر في مايو 2019 عددًا من جولات المحادثات بين واشنطن وحركة طالبان، لأجل مناقشة انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان، فأثمر ذلك توقيع اتفاق الدوحة أواخر فبراير 2020.
أمريكا وإيران
وأسفرت الجهود القطرية عن إنهاء الخصومة بين كينيا والصومال، لتعلن كينيا في 6 مايو 2021 عن عودة علاقاتهما بعد خصومة دامت نحو 5 أشهر، وذلك بعد أن اتهمت مقديشو نيروبي بالتدخل في شؤونها الداخلية.
واستضافت الدوحة في 28 يونيو 2022 مباحثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية، تهدف إلى حل المسائل العالقة بين الجانبين التي تمنع الوصول إلى تفاهم على إعادة إحياء اتفاق عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني، وشهدت الدوحة جولة المفاوضات هذه من أجل إنقاذ الاتفاق النووي، وذلك عقب جولات مفاوضات طويلة في العاصمة النمساوية فيينا.
وفي 8 أغسطس 2022، وقعت السلطات الانتقالية في تشاد وجماعات من المعارضة اتفاقًا للسلام برعاية قطرية، يمهد الطريق أمام حوار للمصالحة الوطنية الشاملة في تشاد في الشهر نفسه. وجاء التوقيع على اتفاقية الدوحة للسلام بعد محادثات في قطر امتدت منذ مارس 2022 بين الجانبين بحضور ممثلين عن الاتحاد الإفريقي وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.
وتوسطت دولة قطر في اتفاق تبادل محتجزين بين أمريكا وإيران في أغسطس 2023، وشمل الاتفاق الإفراج عن 5 إيرانيين كانوا محتجزين في الولايات المتحدة، ورفع الحظر عن 6 مليارات دولار من أموال طهران.
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أسهمت دولة قطر بدور محوري في الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة، وأسفرت المفاوضات التي قادتها قطر ومصر مع الطرفين عن الاتفاق على عملية تبادل أسرى خلال أيام الهدنة السبعة، ودخلت قوافل المساعدات الإنسانية إلى القطاع بعد حصار استمر أكثر من 46 يومًا، وتوصلا إلى وقف إطلاق نار ووقف العمليات العسكرية في كامل القطاع.
واستطاعت قطر كذلك بالتعاون مع فرنسا، التوصل إلى اتفاق بين حماس والكيان الإسرائيلي يشمل إدخال أدوية وشحنة مساعدات إنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة، خصوصًا للمناطق الأكثر تضررًا، مقابل إيصال الأدوية التي يحتاج إليها المحتجزون الإسرائيليون في القطاع.
كما أعلنت دولة قطر إجلاء الفلسطينيين الحاملين للإقامة القطرية، واستمرار استقبالها عددًا من المصابين الفلسطينيين من القطاع إلى الدوحة لتلقي العلاج اللازم، على عدة دفعات.