المحليات
في كلمة خلال الحفل الافتتاحي للنسخة الثانية والعشرين.. رئيس الوزراء:

منتدى الدوحة منصة لمواجهة التحديات العالمية

رؤية جديدة تستشرف المستقبل وتواجه الواقع بفاعلية

تأسيس أرضية صلبة للسلام المستدام والازدهار العادل

حلول مبتكرة لمختلف القضايا السياسية والأمنية والبيئية

المأساة الإنسانية في غزة تمتد تداعياتها للبنان وسوريا

نجاح تجربة الهدنة المؤقتة تعزز بإنجازات أخرى لدولة قطر

الدوحة-قنا:

أكَّدَ معالي الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة أنَّ منتدى الدوحة، قد تجاوزَ كونه فضاءً لتبادل وجهات النظر، ليصبح منصة عالمية لجمع القادة ومواجهة التحديات العالمية، وإعادة تعريف الحلول في زمن تتشابك فيه التحدياتُ وتتعقد فيه المسارات. ولفتَ معاليه في كلمة خلال الحفل الافتتاحي للنسخة الثانية والعشرين من المُنتدى أمسِ بفندق «شيراتون الدوحة»، ورحَّب في مستهلها بالمشاركين، إلى أنه في عالم تسارعت فيه الأحداث، وتعاظمت فيه الأزمات بشكل غير مسبوق علينا العودة إلى المبادئ الأساسية، مع ابتكار حلول جديدة للسلام والاستقرار والتنمية.

وأضافَ معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: «من هنا أتى خيارنا لشعار منتدى الدوحة لهذا العام «حتمية الابتكار» إدراكًا منا لعمق التحديات التي تواجه الإنسانية، وحاجة العالم إلى رؤية جديدة تستشرف المستقبل، وتواجه الواقع بفاعلية، فالعودة إلى الحقائق الجوهرية، ثم معالجة المشكلات المستعصية بروح إبداعية، أصبحت حاجةً ملحة».

ونبَّه معاليه إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن التمسك بالنهج التقليدي في التعامل مع الأزمات المستعصية، لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج التحديات ذاتها، وربما تفاقمها، وشدَّد في هذا الصدد على أنه لا بد من التوجه نحو حلول مبتكرة لمختلف القضايا الأساسية، السياسية منها والأمنية والبيئية وغيرها، بدءًا من الأسباب الجذرية، مع مراعاة المبادئ والاستفادة من الأدوات المتاحة، واستكشاف الفرص التي توفرها التقنيات الناشئة. وتابع: «نجتمع اليوم، والعالم يقف على مفترق طرق مصيرية، إما الاستسلام لدوامة العنف التي تعصف بالعديد من المناطق في أنحاء العالم، بما فيها منطقتنا هذه، وإما ابتكار أساليب وحلول جديدة تضمن ليس فقط إنهاء العنف الراهن فحسب، بل تعمل على تأسيس أرضية صلبة للسلام المستدام، والازدهار العادل الذي يضمن الاستقرار للأجيال القادمة». ولفتَ معالي الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني في كلمته إلى «أن ما نشهده في غزة اليوم يمثل بلا شك نموذجًا صارخًا لهذه الدوامة العنيفة، ومأساة إنسانية غير مسبوقة، بل إبادة جماعية تجري أمام أعيننا، سيكون لها تداعيات خطيرة تهدد استقرار المنطقة بأكملها، والتي ظهرت في أبرز صورها في لبنان، مما يدفعنا إلى توجيه أسئلة جوهرية حول فاعلية الأساليب التقليدية في التعاطي مع النزاعات، وتزداد هذه الأسئلة إلحاحًا مع مرور كل يوم».

وأشارَ معاليه إلى المأساة الإنسانية المستمرة في غزة، والتي تمتد تداعياتها إلى لبنان وسوريا، ما يحتم بذل كل جهد ممكن لوضع حد فوري لها، مبينًا أن تجربة الهدنة المؤقتة التي تحققت بجهود وساطة مشتركة من دولة قطر وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة، وأدت إلى إطلاق سراح رهائن وتخفيف المعاناة الإنسانية، أثبتت إمكانية نجاح العمل الدبلوماسي متى ما توفرت الإرادة اللازمة، مؤكدًا أن هذا النجاح تعزز بإنجازات أخرى لدولة قطر، كلمِّ شمل الأطفال المتأثرين بالحرب الروسية الأوكرانية مع ذويهم، مما يقدم نموذجًا عمليًا لقدرة الدبلوماسية المبتكرة على تحقيق نتائج ملموسة.

وشدد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على أن هذه النجاحات تعكس «رؤيتنا في التعامل مع الأزمات بنظرة شمولية، تتمحور حول الإنسان، وتستوعب الصراع من جوانبه المختلفة، الإنسانية والاقتصادية والسياسية والميدانية، وتبحث في الحلول الجزئية التي تقود إلى معالجة شاملة، وتقسم جذور الصراع ومسبباته إلى ملفات يمكن التعامل معها». وأكَّدَ أن الأزمات المتلاحقة أظهرت حجم الفجوة بين الأساليب والمنظومات التقليدية من جهة، والتحديات المعاصرة المتسارعة من جهة أخرى، مؤكدًا أن العالم اليوم في أمسِّ الحاجة إلى مؤسسات مطورة للتعاون الدولي، تتجاوز الأطر التقليدية، وتعتمد مبادئ العدالة والشمولية مع الاستفادة من أدوات العصر الرقمي. كما أكد معاليه في هذا الإطار، أنَّه لا بد من وقفة جادة وصريحة أمام متغيرات هذا العصر، مضيفًا: «نحن نعيش في عصر يشهد تقدمًا تكنولوجيًا هائلًا، وتأتي هذه التقنيات المتقدمة التي يزخر بها عصرنا رغم إمكاناتها الهائلة، بتحديات وتهديدات ناشئة، مثل إمكانية إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي والتمويل الرقمي والمركبات الجوية والبحرية غير المأهولة وغيرها من التقنيات والابتكارات الجديدة». وشدد في هذا السياق على أنه ينبغي اتخاذ كل ما يمكن من أجل ضمان أن تظل هذه التقنيات أدوات لدفع عجلة التطور الاقتصادي، ووسائل لتعزيز السلام ورفاه الإنسان، لكن معاليه أضافَ متسائلًا في هذا الخصوص «غير أن المفارقة المؤلمة تكمن هنا.. كيف يمكن لعالم يتباهى بإنجازاته التقنية أن يقف عاجزًا أمام معاناة المدنيين في مناطق النزاع.. وكيف لمجتمع دولي يتحدث عن الابتكار أن يفشل، أو يعجز عن إيجاد آليات فعَّالة لحماية الأرواح، وضمان وصول المساعدات الإنسانية». وقالَ معاليه مخاطبًا المشاركين: «إن حضوركم في هذا المنتدى من صناع القرار والمبتكرين والمفكرين وقادة المجتمع المدني، يؤكد إيماننا العميق بأن الحلول المبتكرة تنبع من تفاعل الأفكار وتكامل الرؤى والخبرات، فمنتدى الدوحة ليس مجرد منصة للحوار فحسب، بل يمثل منبرًا للإبداع ومختبرًا للأفكار الخلاقة، ونقطة انطلاق للحلول المبتكرة التي نحتاجُها اليوم». ومضى معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قائلًا في كلمته: «نحن قادرون على تعزيز الارتكاز على أسسنا الأخلاقية، وإيجاد حلول لتحديات اليوم بفكر متجدد، ورؤية مبتكرة، ففي زمن التحولات الكبرى، لم يعد التجديد خيارًا، بل أضحى ضرورة وجودية للبقاء والتقدم، والحاجة، كما يقال هي أم الاختراع، ليس فقط في مجالات العلوم والهندسة، بل في صناعة السلام والعمل الدبلوماسي أيضًا». وحذَّر معاليه من أن المؤسسات والدول التي تتمسك بأساليب الماضي وأدواته، ستجد نفسَها خارج دائرة التأثير في مجريات الأحداث وتطوراتها، مشددًا على أن الابتكار الحقيقي يجب أن يظل موجهًا لخدمة الإنسانية جمعاء، ساعيًا نحو تحقيق السلام والعدالة والرخاء للجميع دون استثناء. ودعا معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في ختام كلمته، المشاركين في المنتدى إلى استكشاف آفاق جديدة للعمل المشترك، وقال: إن «مستقبلنا رهن بقدرتنا على الابتكار في سبيل السلام والتنمية المُستدامة».

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X