كتاب الراية

فيض الخاطر..العلاقات التاريخية القطرية البريطانية

ليسَ من المُستغرب أن تلقى زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للمملكة المتحدة بدعوة من الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا، هذه الحفاوة الكبيرة على المستويين الرسمي والشعبي، فالعلاقاتُ التاريخية العميقة، والتعاون الاقتصادي الكبير، والتبادل التجاري الواسع بين البلدين، هي من أقوى العلاقات الثنائية بين الدول، وتتضح هذه الحفاوة في اللقاء الفريد بين صاحب السمو، والملك تشارلز الثالث الذي رحب بسمو الأمير، وحرمه أثناء حفل الاستقبال المهيب الذي أقيم في قصر باكنغهام، وقد تفقّد العاهلان الكريمان حرس الشرف المكون من الكتيبة الأولى من الحرس الويلزي، وتلاه حفل الغداء في المقر الملكي وفيه تتضح مدى العلاقة الحميمة بين البلدين من خلال كلمة الملك تشارلز الثالث في حفل الغداء والذي بدأ خطابه الترحيبي بكلمات عربية تعبر عن مدى التقدير لسمو الأمير، والوفد المرافق له. حين قال: (السلام عليكم.. أحييكم مرة أخرى في المملكة المتحدة بلدكم الثاني). وهي كلمات لها دلالاتها من التقدير لسمو الأمير حفظه الله.
كما زار سموه أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بيركشاير التي كان سموه قد درس فيها العلوم العسكرية، وشملت الزيارة مقر رئيس الوزراء في 10 داونينج حيث جرت المباحثات الرسمية بين البلدين الصديقين، والتي يتنظر أن تتطور مع وصول حزب العمال للحكم، ورغبته في الانفتاح على دول الخليج العربية من خلال التنسيق الاستراتيجي بين الطرفين.
والمعروف أن الاستثمارات القطرية الضخمة في بريطانيا، من جانب، واستيرادات بريطانيا من الغار القطري من جانب آخر، ومعها حركة التجارة البينية المتنامية بين البلدين. كل ذلك يُسهم في توثيق أكثر للعلاقات القطرية البريطانية، خاصة وأن بريطانيا تعتبر وجهة سياحية دائمة للقطريين.
وتأتي هذه الزيارة الأميرية لبريطانيا في وقت تقوم فيه قطر بجهود حثيثة من أجل الوصول إلى سبل الانفراج للأزمات الطاحنة التي تعيشها المنطقة، وقد ألقى سموه خطابًا في البرلمان البريطاني، أشار فيه إلى إيمان قطر وبريطانيا بأن النزاع في المنطقة لن ينتهي حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، وعن طريق حل الدولتين فقط يمكن تحقيق السلام الحقيقي والرخاء التام في المنطقة التي ما تزال تعاني من ويلات الحروب وآثارها السلبية على أمن واستقرار المنطقة.
وتشكل قطر قوة ناعمة ومؤثرة في الوصول إلى حلول ناجعة للعديد من القضايا العربية والعالمية، بحكم قوتها الاقتصادية ومكانتها المرموقة بين الدول المُحبة للسلام، وفي هذا المجال حققت دولة قطر تقدمًا ملموسًا في الوساطة بين الفرقاء في أكثر من قضية مهمة وحساسة، وأسهمت قطر في الوصول بها إلى بر الأمان، بفضل الله ثم بفضل السياسة المتوازنة التي تتبعها قطر في علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة، وما زال الدور القطري الإيجابي يحظى باهتمام وتقدير الدول الأخرى والمنظمات الدولية والإقليمية.

[email protected]

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X