رأيت ذات فيلم.. City Lights
وانتهى عصرُ السينما الصامتة في نهاية عام 1928، مع انطلاق عصر الأفلام الناطقة، وكان الأمر للبعض أشبه برصاصة قاتلة، فقد تغيّرت معالم السينما وهوليوود بشكل رهيب، ومن كان مشهورًا صار مغمورًا بين ليلة وضحاها، والقلّة فقط من استطاعوا التكيّف والاستمرار بمواكبة العصر.
أصبح «تشارلي شابلن» في وضعٍ صعب جدًّا فيما يخص فيلمه القادم، فقد واجه ضغوطات شديدة لجعل الفيلم ناطقًا، وهو مصرٌّ على الاستمرار على نهجه القديم.
بعد مرور نحو 3 سنوات على بدء الأفلام الناطقة، وتحديدًا في عام 1931، جاء «تشارلي شابلن» بفيلمه الصامت «أضواء المدينة» في كومة الأفلام الناطقة، وقد توقّع البعض أن يفشل، ولكن ما حدث أن الفيلم حقّق نجاحًا مبهرًا، ليصبح الفيلم الأكثر تحقيقًا للأرباح في العام الذي أُنتِجَ فيه، وقد حضر عرض افتتاح الفيلم نخبة من كبار الشخصيات، مثل الكاتب الأيرلندي «جورج برنارد شو» ، وعالِم الفيزياء الألماني «ألبرت آينشتاين» الذي انهمرت دموعه بعد نهاية الفيلم.
تدور أحداث الفيلم حول «المُتشرّد» الذي يقع في حب فتاة ضريرة تعمل بائعةً للزهور في الشارع، وتعاني وأسرتها من ظروف مالية صعبة، ويستغل «المتشرّد» صداقته (غير المستقرة) مع رجلٍ مليونير، ليعيل تلك الفتاة ويتقرّب إليها.
قصة الفيلم مؤثرة وعميقة، والنص السينمائي الذي كتبه «تشارلي شابلن» تناول فيه العديد من المواضيع بطريقة لاذعة، كالفقر والذلّ، وانعدام الأمان حين يكون الفقيرُ تحت رحمة الغني، وقد أخرج الفيلم بشكل مدهش، مصحوبًا بالموسيقى التصويرية المتميزة التي قام بتأليفها بنفسه.
أداء «تشارلي شابلن» كان رائعًا بشخصية «المُتشرّد» التي كانت سببًا رئيسيًّا في اتخاذه قرار جعل الفيلم صامتًا، فهذه الشخصية نجحت وعلَقَت في أذهان الجمهور منذ ظهورها لأول مرة في عام 1914 في أفلامه القصيرة، دون أن ينطق «المُتشرّد» كلمة واحدة، ويعتقد «تشارلي شابلن» أنه لو نطق سيفقد سحره وسر إعجاب الناس به، وأنا أتفق معه تمامًا. أداء «فيرجينا تشيريل» كان جميلًا بشخصية الفتاة الضريرة، وكذلك «هاري مايرز» بشخصية المليونير.
مع مرور الأعوام زادت شعبية الفيلم وتصدّر قوائم كبار المخرجين بكونه واحدًا من أفلامهم المفضّلة، مثل: «أورسون ويلس» و «غييرمو دل تورو» و «ستانلي كوبريك» و «وودي ألين» و «آندريه تاركوفسكي» و «مارتن بريست» ، بالإضافة إلى المُمثلة «إيما ستون» ، وكذلك نقّاد الأفلام والجمهور بشكل عام، ويحتل الفيلم اليومَ مركزًا متقدّمًا في قائمة أفضل 250 فيلمًا في موقع imdb حسب تصويت الجمهور، فهو بالتأكيد تُحفة سينمائية خالدة في ذاكرة السينما.
[email protected]
Twitter: @alqassimi88