كتاب الراية

همسة ود.. العلاج الوهمي

بالأمس، انتهيت من قراءة كتاب العلاج الوهمي (البلاسيبو)، للكاتب جو دسبنزا، الذي نُشر عام 2020 عن دار الخيال، وللعلم فإن دسبنزا طبّق هذا العلاج على نفسه قبل أن يكتبَ عنه، يقول في كتابه إن التأثير الرئيسي للدواء الوهمي هو أن الشخص يكون لديه تصوّر عقلي بأنه عندما يتعاطى العلاج سوف يتحسّن، ولذلك يشعر بتحسنٍ. والعكس صحيح أيضًا، فإذا كان يعتقد أن هذا الدواء سيؤدّي لمضاعفاتٍ فسوف يشعر بها.

فمثلًا، لا يؤدّي استعمال الدواء الوهمي إلى تسريع الشفاء، لكنه قد يجعل الألم يبدو أقل شدة، كما أن الدواء الوهمي يخفّف الآلام بالفعل، وأن نشاط العلاج الوهمي يتراجع في المناطق التي يرجح أنها ذات صلة بالمرض، وأن الجسم يعالج الآلام النفسية والجسدية في نفس المناطق من المخ. وتصنع الأدوية الوهمية (placebos)، بحيث تشبه الأدوية، دون أن تحتوي على المادة الدوائية الفعالة، بل تحتوي على مادةٍ غير فعالةٍ، كالنشاء أو السكر، والإنسان عندما يكون تحت تأثير «مفعول الدواء الوهمي» يرى أن صحته تتحسن بشكل غامض بعد تلقي علاج زائف لا يحتوي على أي مكونٍ فعالٍ، ربما تكون حبة الدواء هذه محشوة بالسكر. ولكن ما الذي يسبّب تأثير الدواء الوهمي بالضبط، ويجعل المريض يشعر أنه يتحسّن عند تناوله الدواء الوهمي، هذا يحدث بسبب بعض العوامل النفسية والتغيرات الفسيولوجية في الدماغ والجهاز العصبي، لكن هناك عوامل أخرى بجانب الدماغ، يمكن أن تلعبَ دورًا في بعض الحالات، قد تتحسن أعراض الأشخاص بغض النظر عما إذا كانوا يحصلون على علاج حقيقي أو وهمي، وهم ببساطة يعتقدون أن هذا التغيير قد حدث لأنهم قد تناولوا شيئًا ما. كما أن تأثير الدواء الوهمي يعتمد على مدى كفاءة الأطباء وقدرتهم على إقناع المريض بأن هذه الأدوية حقيقية وليست وهميةً، لكي يكون تأثير الدواء الوهمي فعالًا في أغلب الحالات. فالدواء الوهمي هو في الواقع علاج غير فعال يستخدم كنقطة مقارنة أو «تحكم»، كما يمكنه أن يساعدَ الذين يعانون من الآلام الناتجة عن الأحداث العاطفية المؤلمة، فالدواء الوهمي خالٍ من أي مادةٍ فعالةٍ، لكنه يساعد الشخص الذي عانى من الخِذلان العاطفي في تخفيف لوعة الفِراق عند رؤية المحبوب، حينها يؤثر هذا الدواء على نفس مناطق المخ عند كبت المشاعر العاطفية. رغم التأثيرات الهائلة في بعض الأحيان لهذه الأدوية على الجانب النفسي للإنسان، فهي علاجات الهدف منها إرضاء المريض، خاصة الأطفال، لأنه يصعب على الأطفال إدراك الجَرعة المُناسبة للدواء، ولهذا ينصح بحفظ الأدوية بعيدًا عن تناول الأطفال، وكذلك بالنسبة للمرضى النفسيين، لأنهم لا يدركون الجَرعة المحددة للدواء الخاص بهم، ويمكن أن يتناولوا الأدوية بإفراط، وبالتالي يجب أن يتولى شخص آخر مهمة إعطائهم الأدوية في موعدها المحدد، ويجب إخفاؤها فيما بعد، كذلك كبار السن، خاصة المصابين بأمراض الشيخوخة، مثل: الزهايمر والخرف، حيث لا يتذكرون أنهم تناولوا الدواء، وبالتالي يجب إبعاد الأدوية عنهم حتى لا يتناولوا جرعاتٍ زائدةً، فقد تُسبّب الجرعات الزائدة للأدوية رعشة الجسم واضطرابات إدراكية ونوبات تشنجية، وقد يصل الأمر إلى الغيبوبة، وقد تسبب مُشكلات في المعدة: حيث تشمل آلام البطن، والغثيان، والقَيْء، والإسهال، والتهاب الأمعاء.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X