كتاب الراية

من حقيبتي.. شاكر.. وشباب التاريخ

شابٌ في المجلس باحثٌ مجتهدٌ ويقرأ في أصول الناس في المجتمع، يسألونه عن فلان وعِلّان عن أصله ومن أي البلاد، جذوره، وهل له أهل هنا أو هناك، وهو يتصدر للإجابة بروح فيها ثقة أكثر من اللزوم، وقد يكون لقلة الخبرة وعنفوان الشباب تأثير في سرعة الإجابة، ولكني وجدت حادثة في وسائل الاتصال الاجتماعي لها علاقة ويحكيها أحدهم عن طفل من الشام اسمه شاكر، قصته أنه صار يتيمًا وهو طفل صغير يبلغ العشر سنوات، ولم يكن للأسرة راعٍ غيره. فلما توفى أبوه طلبت أمُّه من أحد تجار الماشية -وكان يعرف العائلة- أن يوظفه راعيًا عنده، وكان يخرج من الصباح ولا يعود إلا في المساء، وقد تعرّف على الرعاة في المنطقة وذات يوم غلبه النوم من التعب، ولم يصحُ إلا على صوت الأغنام تصيح، وقد تناثرت أشلاء بعضها، ومات بعضها، فقد هجم عليها الذئب وهو نائم، فأصبح مذعورًا من عقاب صاحب الغنم، ولم يعرف ماذا يصنع لكن باقي الرعاة نصحوه بالهرب كي يسلم من العقاب، هرب شاكر حتى وصل إلى ميناء على البحر، وكانت هناك سفينة يتم تحميلها وهي على وشك الإبحار تسلل شاكر واختبأ فيها ثم أبحرت ووصل بعد مواقف يطول السرد فيها إلى الهند، وصار مقربًا إلى أحد التجار الهنود وكانت له معرفة باللغة العربية، لعلاقته مع الكثير من تجار أهل الخليج العربي، وبعد أن أصبح شاكر في الأربعين من عمره، تعرف على أحد التجار وقص عليه قصته، وانقطاع الصلة بينه وبين أهله في الشام، فما كان من التاجر الخليجي إلا أن تكفل بأن يبحث عن أهله وفعلًا وجدهم وأخبرهم عن شاكر، وتم لم شمل العائلة بعد أن أصبح شاكر في هيئة شخص آخر، وكأنه من أهل الهند، وهنا مقصد القصة أنه من يبحث في التاريخ لا يستبعد حدوث ما يظنه مستحيلًا، فيبعد هذا عن تلك العائلة أو يقرب ذاك لمقاييس محدودة تنقصها خبرة مثل هذه القصص وهي رسالة للشباب أو الذين تستهويهم مواضيع أصول الأنساب بعدم الاستعجال في الحكم، والتريث كثيرًا قبل البت في أي من هذه المواضيع ذات الخصوصية في مجتمعاتنا العربية.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X