المحليات
دعوات لتقنين استخدامها حماية للمستهلك .. خبراء وشباب لـ الراية :

إعلانات المؤثرين تغذي ثقافة التبذير

مؤثرون يستخدمون عناصر نفسية لتشكيل القرارات الشرائية للشباب

شباب انساقوا وراء الإعلانات واشتروا منتجات رديئة

الدوحة  شهد الكبسي

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل القرارات الشرائية للشباب، والمؤثرون الاجتماعيون لهم دور كبير في التأثير على أذواق واتجاهات الشباب من خلال تقديم منتجات وخدمات بطريقة جاذبة وملفتة للنظر، يستخدمون فيها القصص الشخصية والمشاعر لجعل المنتجات تبدو أكثر جاذبية. ويعزز المؤثرون الاجتماعيون بشكل غير مباشر روح الإسراف والتبذير من خلال نشر صور ومقاطع فيديو توحي بأن السعادة والنجاح مرتبطان بالامتلاك والشراء المستمر مما يدفع الشباب إلى الشراء بدون تفكير عميق. ويروج العديد من المؤثرين لمنتجات قد لا تكون ذات جودة عالية أو ضرورية للشباب، وذلك لتحقيق مكاسب مالية. مما يستدعى ضرورة تعزيز الوعى بين الشباب حول التأثيرات النفسية والاجتماعية للإعلانات، وكيفية اتخاذ قرارات شرائية مستنيرة. الراية طرحت القضية للنقاش مع الشباب والمختصين حول هذه الظاهرة وكيف يمكن تحصين الشباب ضد ثقافة الإسراف التي يغذيها البعض لديهم..

فى البداية التقت الراية مع عدد من الشباب للوقوف على مدى تأثرهم بالإعلانات التي يروج لها مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يروي حميد حسين الأحمر تجربته الشخصية قائلًا: «سبق لي أن اشتريت منتجات بناءً على توصيات مؤثرين، وكانت تجربتي متفاوتة؛ بعض المنتجات كانت جيدة، وأخرى خيبت ظني بسبب قلة مصداقية المؤثر نفسه». واعترف بأنه دفع ثمنًا أعلى مما يستحقه المنتج بسبب إعلان مؤثر وقال: «الشراء عبر الشاشة لا يوفر تجربة كاملة للمنتج، كما أن المروج قد يلجأ أحيانًا للمبالغة لإغراء المستهلكين». لكنه يضيف: «اللوم لا يقع فقط على المؤثرين، بل أيضًا على ثقافة المجتمع الاستهلاكية. المؤثر يقدم الترويج، لكن القرار النهائي بالشراء يظل بيد المستهلك». أما سعد عبدالعزيز آل إسحاق فيرى أن المؤثرين يمكن أن يكون لهم تأثير إيجابي أو سلبي. ويقول: «تأثرت بشخص رياضي عبر السوشيال ميديا، وكان التأثير إيجابيًا». ومع ذلك، يعترف بشراء منتجات غير مفيدة بناءً على توصيات مؤثرين، قائلًا: «ندمت لأن المنتج لم يكن كما صُوِّر لنا؛ المؤثر ركز على المزايا فقط دون ذكر العيوب». ويضيف سعد: «إعلانات المؤثرين تدفع الشباب أحيانًا لشراء منتجات غير ضرورية بسبب حبهم للمؤثر أو رغبتهم في دعمه. وأرى أن بعض الإعلانات التي تربط السعادة بالشراء مجرد خدعة للمستهلك». ويشير نواف مبارك آل حنزاب إلى تجربته قائلًا: اشتريت منتجًا بناءً على إعلان مؤثر، لكنه لم يكن يستحق التجربة. تعلمت أن ما نراه في وسائل التواصل ليس دائمًا كما نتوقعه. ويعتقد نواف أن إعلانات المؤثرين قد تدفع الشباب أحيانًا للإسراف، لكنه يرى أن ذلك يعتمد على وعي المستهلك. ويوضح: لست من الذين ينفقون كثيرًا بسبب الإعلانات، لكنني أبحث عن المنتجات التي تعود عليّ بالفائدة، مع مراعاة ميزانيتي.

وذكر حسن خالد الجابر تجربته مع إعلانات المؤثرين، قائلًا: «شعرت بالندم بعد شراء منتج توقعت أن يكون ذا جودة عالية، لكنه لم يكن كذلك. وأعتقد أن الهوس بالشراء قد يدخلنا في دائرة الكماليات ويبعدنا عن الأساسيات».

ويضيف حسن: «إعلانات المؤثرين غالبًا ما تكون مبالغًا فيها لأنها مدفوعة. لذلك، الثقة في المنتج تعتمد على تجاربنا الشخصية أو سمعة المحل أكثر من كلمات المؤثر. يعتبر غانم فيصل أن الإعلانات المدفوعة للمؤثرين تفتقر أحيانًا إلى الصدق، ويقول: «معظم المؤثرين يبالغون في ردود أفعالهم وتجميل المنتج لجذب المعجبين. أحيانًا أرى أنهم يروجون لثقافة الإسراف بشكل غير مباشر من خلال استغلال ثقة المتابعين».

وشاركت الدانة محمد، إحدى المتابعات النشطات للمؤثرين، تجربتها قائلة: اشتريت عطرًا بناءً على إعلان من مؤثر دون أن أتحقق من رائحته. وعندما وصلني، اكتشفت أن الرائحة لا تناسبني إطلاقًا، بل كانت أشبه بعطر رجالي. وهذا الموقف جعلها تشعر بالندم وأضافت: ثقتي الزائدة في المؤثرين أحيانًا تجعلني أتخذ قرارات غير مدروسة. وترى الدانة أن اسم «مؤثر» يعكس دوره في التأثير على قرارات الشباب، سواء بالإيجاب أو السلب. والإعلانات تجعلنا نعتقد أن هذه المنتجات ضرورية لحياتنا، رغم أنها قد تكون غير ذلك مما يؤدي إلى إنفاق زائد. أما من ناحية تأثير ذلك على ميزانيتها، فتضيف: إعلانات الطعام هي الأكثر تأثيرًا بالنسبة لي. إذا رأيت طبقًا شهيًا في إعلان مؤثر، أطلبه مباشرة، وهذا يؤثر على ميزانيتي بشكل واضح.

الشيخ أحمد البوعينين: المؤثر مسؤول عن رسالته ومُحاسب عليها

يقول الشيخ أحمد البوعينين، الداعية الإسلامي، إن الشهرة مسؤولية عظيمة، وعلى المؤثرين استغلالها في نشر القيم الإيجابية والمحتوى الهادف. وبيّن أن وسائل التواصل الاجتماعي تعدّ سلاحًا ذا حدين، ما يتطلب الحذر عند استخدامها، لا سيما في تقديم الإعلانات.

وأضاف: الإعلان ليس إشكالية في حد ذاته، بل الإشكالية تكمن في طريقة عرضه. يجب على المؤثرين أن يتحروا المصداقية عند الترويج لأي منتج أو فكرة، وألا تكون غايتهم الربح فقط. ووجه البوعينين رسالة للمؤثرات، مشددًا على أهمية أن تظهر المرأة المسلمة باحتشام، عاكسة القيم الإسلامية. كما دعا الشباب لاتباع المؤثرين الذين يرفعون من مستواهم الأخلاقي والفكري بدلًا من تقليد المشاهير بلا وعي.

فاطمة أحمد المحمدي: المبالغة في ترويج المنتجات لتحقيق مكاسب تجارية

فاطمة أحمد المحمدي شاركت قصة مختلفة، حيث ذكرت أنها اشترت منتجًا للعناية بالبشرة بتوصية من مؤثر شهير: «رغم الحملة الإعلانية المبهرة، وجدت أن المنتج لم يناسبني، وكان سعره مبالغًا فيه مقارنة بجودته الفعلية». وأضافت: «تأثرت بالإعلانات العاطفية التي صوّرها المؤثر، لكنني أدركت لاحقًا أن أسلوبهم أحيانًا يكون بعيدًا عن الواقعية». وترى فاطمة أن هناك من يبالغون في ترويج المنتجات لتحقيق مكاسب تجارية. ومن المواقف المؤثرة التي أشارت إليها فاطمة، قصة زميلتها التي اشترت مكملات غذائية للتنحيف بناءً على إعلان مؤثرة مشهورة. لم تستشر زميلتي طبيبًا قبل الاستخدام، مما تسبب لها في مشاكل صحية خطيرة. هذه التجربة جعلتها تتعلم درسًا قاسيًا حول عدم الانجراف وراء الإعلانات دون بحث أو تحقق.

د. فايزة النعيمي: حاجة لبرامج لشغل الشباب عن المظاهر السطحية

شددت الاستشارية النفسية د. فايزة النعيمي على أن المشكلة الأساسية تكمن في قلة الوعي. وقالت: «الشباب اليوم يعيشون ضغطًا نفسيًا نتيجة التنافس على الظهور بالمظهر المثالي الذي يروج له المؤثرون، مما يؤدي إلى فقدان الهوية والانغماس في الإسراف والتبذير». وأشارت إلى أهمية غرس القيم الدينية والأخلاقية لدى الأطفال منذ الصغر، مؤكدة أن بناء جيل واعٍ يتطلب تعليمًا يعزز الهوية والثقافة الإسلامية، وورش عمل تشجع الشباب على اكتشاف مواهبهم وتطويرها. كما دعت إلى تشجيع العمل التطوعي لأنه يرسخ قيم العطاء ويقلل من الانشغال بالمظاهر السطحية، وقالت إن تشجيع الشباب على الانخراط في الأنشطة التطوعية والإبداعية يسهم في اكتشاف وتنمية مواهبهم، مما يساعدهم على الحد من الانشغال بالمظاهر السطحية وتعزيز شعورهم بالقيمة الذاتية.

 د. موزة المالكي: تعزيز النزعات الاستهلاكية

ترى الدكتورة موزة المالكي، الأخصائية النفسية، أن تأثير إعلانات المؤثرين على الشباب غالبًا ما يكون سلبيًا، حيث تتسبب هذه الإعلانات في زيادة القلق والاكتئاب نتيجة السعي غير الواقعي لمواكبة «الحياة المثالية» التي تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضحت أن الشباب قد يشعرون بعدم الكفاية أو الانتماء إذا لم يستطيعوا تحقيق ما يُروّج له. وأكدت أن هذه الإعلانات تساهم في تعزيز وتغذية النزعات الاستهلاكية، مما يؤدي إلى تشتت أكاديمي، حيث ينشغل الطلاب بمحتوى المنصات بدلًا من التركيز على دراستهم. وشددت على أهمية دور الأسرة والمجتمع في توعية الشباب بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، لما لذلك من أهمية في بناء وعيهم وإرشادهم. وشددت على أهمية تشجيع الأبناء على المساهمة في تطوير محتوى إعلامي متميز يهدف إلى الاستفادة الإيجابية من التكنولوجيا الحديثة.

د. داليا فراج: الإفصاح عن العلاقة التجارية بين المؤثرين والمنتجات المروّجة

أكدت الدكتورة داليا فراج، أستاذة التسويق والاتصالات بجامعة قطر، أن المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي أصبحوا عنصرًا رئيسيًا في استراتيجيات التسويق، خاصة في استهداف الشباب. وأوضحت أن تأثير إعلاناتهم يرجع إلى ثقة الشباب بهم كمصادر موثوقة للتوصيات.

وأضافت: إن المؤثرين يعززون شعور المتابعين بالمشاركة والانتماء من خلال التفاعل المباشر، مما يجعل رسائلهم الإعلانية أكثر جذبًا. كما أشارت إلى أن مشاركة المؤثرين لتجاربهم الشخصية تزيد من مصداقيتهم وتعزز ثقة الجمهور.

في المقابل، حذرت الدكتورة فراج من بعض السلبيات التي قد تنجم عن تأثير المؤثرين، مثل نشر ثقافة الإسراف بين الشباب، ودعت إلى ضرورة التوازن بين المصالح التجارية والحفاظ على القيم الأخلاقية. كما أكدت على أهمية توعية الشباب بضرورة اتخاذ قرارات شرائية أكثر وعيًا وتركيزًا على الاستهلاك المسؤول والمستدام.

وأكدت على ضرورة فرض قوانين أكثر صرامة على الإعلانات المدفوعة، مع ضمان الشفافية والإفصاح عن أي علاقة تجارية بين المؤثرين والمنتجات المروّجة من شأنه أن يعزز مصداقية الإعلانات ويقلل من تأثيراتها السلبية على القرارات الشرائية.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X