كتاب الراية

مجرد رأي.. Si Vis Pacem, Para Bellum

الناتو في ظل إدارة ترامب الجديدة: إعادة صياغة النظام الأمني العالمي

مع اقتراب تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير الحالي، يتساءل المراقبون عن مصير حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحت قيادته. ترامب، الذي لطالما انتقد علنًا عدم توازن الالتزامات داخل الناتو، يبدو عازمًا على إعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية. في حين أن بعض تصريحاته قد تبدو مثيرة لقلق البعض، إلا أنها تفتح الباب لإعادة تقييم هيكل الحلف ودوره.

الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ عام 2022 وضعت أوروبا أمام أكبر تحدٍ أمني منذ الحرب العالمية الثانية. التدخل الروسي في شرق أوكرانيا وأزمة القرم المستمرة أكدا الحاجة الملحة لتحديث سياسات الدفاع الأوروبية. الانعكاسات الاقتصادية لهذا النزاع، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل التوريد، أصابت الأسواق العالمية، بينما تعرض الأمن الغذائي في الشرق الأوسط للخطر بسبب تعطل صادرات الحبوب الأوكرانية.

ترامب، بتوجهه «أمريكا أولًا»، انتقد باستمرار عدم تحمل الدول الأوروبية نصيبها من الإنفاق الدفاعي. هذا الموقف، رغم كونه مثار جدل، يدفع الدول الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتطوير قدراتها الذاتية. هذا التوجه ليس مجرد استجابة لضغوط ترامب، بل ضرورة استراتيجية في ظل التهديدات الإقليمية المتزايدة.

في الوقت ذاته، يُتوقع أن تواصل إدارة ترامب تركيزها على مواجهة النفوذ الصيني. الصين، باعتبارها المنافس الأكبر للولايات المتحدة، تمثل تحديًا عالميًا يتطلب إعادة توزيع الموارد الأمريكية نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ. بالنسبة للناتو، هذا التحول يعني أن الدول الأوروبية بحاجة إلى تعزيز تعاونها الدفاعي وتحمل عبء أكبر في مواجهة الأزمات الإقليمية مثل أوكرانيا.

أما الشرق الأوسط، فرغم أنه قد لا يكون أولوية كبرى في ظل التركيز على أوروبا وآسيا، إلا أن التعاون مع الناتو سيستمر في مجالات مثل مكافحة الإرهاب وأمن الطاقة. سياسات ترامب، التي تعارض التدخلات العسكرية الكبرى، قد تكون نعمة للمنطقة إذا شجعت على الحلول الدبلوماسية والتخفيف من الصراعات.

الرأي الأخير …

إن إصرار ترامب على إعادة توازن الالتزامات داخل الناتو يمثل فرصة للحلف ليصبح أكثر قوة واستدامة. بناء قدرات دفاعية أوروبية مستقلة يعزز الحلف بدلًا من تقويضه. بالنسبة للشرق الأوسط، فإن تقليص التدخلات العسكرية قد يكون فرصة لتعزيز الاستقرار الإقليمي بعيدًا عن الصراعات الدولية. في النهاية، يبقى على الناتو أن يعيد صياغة دوره لمواجهة تحديات العالم الجديد، حيث السلام لا يُضمن إلا بالاستعداد والردع.

(في عالم تهيمن عليه القوة، الحكمة تكمن في معرفة متى وكيف تُستخدم)

إلى اللقاء في رأي آخر ،،،

 

كاتب شؤون دولية وقانوني قطري

Twitter:@NawafAlThani

http://www.NawafAlThani.com

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X