نجاح وساطة قطر يعكس مكانتها في السياسة الدولية
د. طارق يوسف: الدبلوماسية القطرية تتسم بالحكمة والديناميكية
د.بكيل الزنداني: قطر تتمتع بخبرة الطويلة في العمل الدبلوماسي
د. خالد محمود : أظهرت قطر تصميما ومرونة كبيرين لحقن الدم الفلسطيني

الدوحة –قنا:
أكد خبراء ومحللون سياسيون أن نجاح الوساطة المشتركة التي قامت بها دولة قطر مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يثبت مجددا المكانة التي تحظى بها دولة قطر بوصفها شريكا يوثق به لدى المجتمع الدولي، ويعكس دورها بوصفها فاعلا مؤثرا في السياسة الدولية يسهم في بناء أسس حوار مستدام يحقق السلام في المنطقة والعالم.
ونوهوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إلى أن دولة قطر، أكدت من خلال جهود الوساطة المستمرة منذ 15 شهرا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، قدرتها على التأثير وإدارة المفاوضات بحرفية عالية وبحيادية ونزاهة وموثوقية عكست خبرتها الكبيرة في هذا الميدان.
كما توقعوا أن يدفع وقف إطلاق النار في غزة نحو تسوية ملفات وأزمات أخرى في منطقة الشرق الأوسط، بما يسهم في حقن الدماء، لا سيما في ضوء التحولات الإيجابية التي تشهدها المنطقة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور طارق محمد يوسف المدير التنفيذي لمجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، إن نجاح الوساطة القطرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يمثل إنجازا جديدا للدبلوماسية القطرية التي تتسم بالحكمة والديناميكية والمرونة في التعاطي مع الملفات والأزمات في المنطقة.
• جهود قطر ستثمر سلاما في المنطقة
وأضاف:” كان الاعتقاد السائد خلال الأسابيع الماضية هو أن مسار المفاوضات قد وصل إلى طريق مسدود، لكن قطر وبفضل حكمة قيادتها وبفضل انفتاحها وتعاونها مع مختلف الشركاء، استمرت في جهود الوساطة بكل اقتدار والتزام بمتطلبات الوصول لوقف إطلاق النار وإعطاء فرصة لتسوية دائمة توقف الدمار وتحقن الدماء التي تسفك منذ أكثر من عام”.
وتابع:” جهود قطر ستثمر سلاما في المنطقة.. وهذا الاتفاق يمثل انفراجة كبيرة للشعب الفلسطيني وللمنطقة والعالم برمته، بالنظر إلى ما خلفته هذه الحرب الظالمة على غزة من ضحايا وخراب ودمار، وفي ظل تداعياتها السلبية الكبيرة على الأوضاع إقليميا ودوليا، وفي تقديري أن هذا الاتفاق الذي أعلن عنه اليوم يمثل أهم تطور وأكبر حدث ومنجز للعام 2025، الذي نحن في بداياته، وأتوقع أن تكون له انعكسات إيجابية على الكثير من الملفات والأزمات في المنطقة كونه يعزز لفكرة الوساطة والركون إلى الحوار كركيزة استراتيجية لتسوية الأزمات بدلا من الحرب والدمار”.
ولفت الدكتور طارق يوسف إلى أن هذا الاتفاق أكد مدى حكمة قطر وصواب مواقفها الداعية للحوار.. وقال : “منذ بدء الحرب دعت قطر إلى الحوار، وحذرت من تبعات استمرار الحرب، واليوم يتجسد إيمانها بالحوار، ونأمل أن يكون الاتفاق خطوة تقود مستقبلا إلى سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط”.
• ثقة إقليمية ودولية بالدبلوماسية القطرية
ومن جانبه، قال الدكتور بكيل الزنداني، المحل السياسي وأستاذ الدراسات الأمنية بجامعة قطر:” إن دولة قطر تاريخيا وليس منذ 15 شهرا فقط تأخذ على عاتقها القضية الفلسطينية وتعتبرها القضية المركزية بالنسبة لها، وهذا ما أكسبها ثقة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وشكل أحد عوامل النجاح في هذه الوساطة الشديدة التعقيد والحساسية”.
وأكد أن الخبرة الطويلة في العمل الدبلوماسي التي تتمتع بها دولة قطر كانت عاملا حيويا لحلحلة العقد التي صاحبت هذه الوساطة على مدار 15 شهرا متواصلة.. مضيفا :” هذه الجهود لن ينساها أبناء الأمة العربية والإسلامية بشكل عام وأبناء فلسطين بشكل خاص، كونها ستسهم في حقن الدماء ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني”.
كما لفت الدكتور الزنداني إلى أن الثقة التي تتمتع بها الدبلوماسية القطرية من جميع الأطراف إقليميا ودوليا نتيجة لوساطات قامت بها في مناطق متعددة من العالم بكفاءة ونزاهة، عززت من ثقة جميع أطراف الصراع بهذه الجهود والوثوق بها وإعطائها مساحة كبيرة للعب هذا الدور الإنساني لحقن الدماء.
وتابع:”لا شك أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ستكون له انعكاسات إيجابية تساعد في تعزيز الأمن الإقليمي بشكل كبير، ونتوقع أن يكون للدبلوماسية القطرية دور محوري في العديد من الملفات والأزمات في المنطقة”.
• جهود قطر نموذجا بارزا للدبلوماسية الفاعلة
ومن ناحيته، قال الدكتور خالد وليد محمود المحلل السياسي الأردني، إن جهود دولة قطر لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة على مدار الشهور الماضية كانت نموذجا بارزا للدبلوماسية الفاعلة، القائمة على الحوار والتواصل المباشر مع الأطراف المعنية.
وأضاف:” صحيح أن هذه الوساطة لم تكن بمنأى عن التحديات، حيث تعرضت أحيانا لمحاولات إساءة واتهامات باطلة، لكن دولة قطر استمرت في جهودها بنزاهة وحيادية مع الحفاظ على حسن النية من طرفي التفاوض وثقتهما بالوسيط القطري”.
وتابع:” رغم تعقيدات الوضع السياسي في المنطقة، والضغوط الإقليمية والدولية، والتغير المستمر في مواقف طرفي الصراع، فقد أظهرت قطر تصميما ومرونة كبيرين للوصول إلى حل يحقن الدم الفلسطيني ويضع حدا لهذه الإبادة بحق الشعب الفلسطيني ويخفف من معاناة سكان قطاع غزة”.
وعبر الدكتور محمود عن اعتقاده بأن هذه الوساطة مثلت أحد أصعب المهام التي خاضتها قطر في تاريخها، وقال: “إلا أن قطر نجحت في إثبات جدارتها في إدارة هذا الملف المعقد، حيث صممت منذ البداية على دعم كل الجهود للوصول إلى اتفاق شامل ومستدام يوقف آلة الحرب ونزيف الدماء.. ونأمل أن يفضي إلى محادثات جادة لعملية سلام شامل وعادل وفقا لقرارات الشرعية الدولية”
ورأى أن دولة قطر اعتمدت في تحقيق هذا الإنجاز على مجموعة من العوامل التي أكسبت دبلوماسيتها فاعلية استثنائية، منها التواصل المباشر والمستمر مع جميع الأطراف، إلى جانب الحيادية والنزاهة والمرونة وثقة المجتمع الدولي، فضلا عن الدعم الإنساني المتواصل لسكان القطاع.
وأكد أن نجاح قطر في التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة يعزز الآمال في إمكانية حلحلة أزمات أخرى في المنطقة، بل قد يشكل أساسا لإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، ويفتح الباب أمام تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.