همسة ود.. اليأس أصعب من الموت

ذكرت مسبقًا أن اليأس ينخر الأرواحَ ويُدمِّرها ويدفع الإنسانَ إلى التخاذل، فلا ينجز عملًا ولا يتحرّك ولا يتقدم، وهذا يدل على وجود حالات الاكتئاب الحاد بكثرة، التي لا تحدث إلا بالوقوع المسبق في مستنقع اليأس، فبمجرد أن يستسلمَ الإنسان لليأس فإنه من الصعب انتشاله منه، فيفقد متعة العيش، كما أنه يَثنيه عن أهدافه التي وضعها لحياته، فيؤدّي هذا الضياع إلى وقوع الإنسان في متاهة اليأس والبقاء حبيسًا فيها، فاليأس عملية متذبذبة عاطفية، لأنه ينعكس في تناوب العواطف الفردية المختلفة مثل الأمل والخوف والقلق والغضب، فالخجل يؤدّي إلى الشعور بالذنب والحزن، ويعمل على زيادة انتشار العواطف وفِقدان العَلاقة بالموضوع، وقد يكون الانتحار نتيجة لذلك، فعلى المرء أن يتمسكَ بالأمل ويتفاءلَ بالخير حتى في أحلك الظروف وأقسى اللحظات، لذا عليه أن يسألَ نفسه دائمًا: هل في هذه الحياة ما يستحق العيش لأجله؟ أو من يستحق العيش لأجله؟ وهل فيها ما يستدعي الاستسلام والانجراف مع اليأس؟ فتحدي تلك المشاعر موقف للتحدي الذاتي، ويستنتج الإنسان أن اليأس ليس سببًا مقنعًا لنهاية الحياة.
لذلك على الإنسان أن يبحثَ عن نافذةٍ مُضيئةٍ في القلب يشعّ منها الأمل الذي يقود إلى النور، ويرجع ذلك لسرعة إشراق شمس الأمل في النفوس التي تُحسن الظن بربها، وتقتنع القناعة التامة بما قسمه الله تعالى، والاختلاط بالناس، خاصة الناس المتفائلين، وذلك للإحساس بشعور إيجابي يجعلهم يتخلصون من اليأس الذي يحاول السيطرة عليهم، وعلى الإنسان الصبر وتحمل المشاكل والمصائب التي تواجه الإنسان في الحياة، فلا تيأسوا، فعسى الله أن يبدِّلَ حالًا بحال، فاليأس من رحمة الله تعالى، من صفات أهل الكفر؛ كما في قول الله تعالى: «إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»، فعجز الإنسان وإحباطه وفشله في أمرٍ من الأمور الدنيوية لا يعني نهاية الحياة، واليأس يعني بشكل كبير فِقدان الثقة بالله وبالنفس وبالآخر. فعلى الإنسان أن يكونَ صبورًا، وأن يتخلصَ من يأسه سريعًا، وعليه أن يتعلمَ كيف يتعايش مع ما أدى به إلى اليأس، ولا أعتقد أنه يوجد حل مباشر وسريع للتخلص من اليأس، ولكن يستغرق عقل الإنسان الباطن والإبداعي، الذي يمثل مركز التفكير لدى الإنسان، فهو منبع الابتكار والأفكار وهو عنصر هام من عناصر العملية الإبداعية في الإنجاز، ويجب حل جميع المشكلات وإعطاؤها وقتًا لمعالجة الأمر بشكل صحيح، لذا على الإنسان أن يكونَ صبورًا، ولا يحتاج إلى جميع الإجابات عن جميع الأسئلة في رأسه في ذلك الوقت، كما عليه الفرار إلى الله واللجوء إليه، والانطراح بين يديه، والله يفرح بتوبة العبد ويقبلها منه. وعلى الإنسان التوبة إلى الله والرجوع إليه وعدم اتباع سبل الشيطان، فإن العمر قصير والموت يأتي فجأة، ولا ينفع الندم حينئذٍ.