أمل حذر بوقف القتل الإسرائيلي في غزة

بقلم/ رندة تقي الدين:
بعد ٤٦٥ يومًا من الدمار والقتل والكارثة الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في غزة تم التوصل بفضل جهود الوساطة التي قامت بها قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يدخل حيز التنفيذ اليوم الأحد.
المصيبة أنه فور إعلان الاتفاق كثفت إسرائيل قصفها وقتلها للفلسطينيين إذ قتلت خلال يوم واحد ٨٠ شخصًا. قال صحفي فلسطيني اسمه المستعار يوسف من دار البلح حيث لجأ مع أولاده من منزله المدمر لإذاعة فرنسية France Info إنه لم يستطع أن يحتفل بإعلان الاتفاق لأنه فور إعلانه انهالت القنابل الإسرائيلية على دار البلح وقتل صديقه أما ابنته وعمرها ١٠ سنوات فهي تكرر سؤالها له «متى الهدنة متى وقف القصف؟» يتحدث هذا الصحفي الشجاع عن المآسي التي تحيط بهم في دار البلح وفي غزة من أطفال يموتون من الجوع والبرد والمرض.. يتابع يوسف في صرخة ألم للإذاعة الفرنسية كيف يمكن في ٢٠٢٥ أن يحدث ذلك ولا أحد يتحرك لمأساة هؤلاء الأطفال.
نقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن مراسليها في المنطقة تساؤلهم حول كيفية تغطية حرب غزة والجيش الإسرائيلي يمنع دخول الصحافة الأجنبية لعدم الكشف عما يرتكبه. وحدها كلاريسا وورد من CNN استطاعت أن تدخل لمدة قصيرة في مستشفى بغزة دون تصريح من القوات الإسرائيلية، فالقوات الإسرائيلية تمنع أي تغطية من الصحافة الغربية، أما الصحافة الفلسطينية فمعظم الأحيان تدفع من دم أبنائها، لنقل الحقائق التي تحصل والعالم الغربي لا يتحرك بل استمر الرئيس بايدن حتى اللحظة الأخيرة من عهده بمد إسرائيل بالمليارات من السلاح.
معظم العاملين في المنظمات الإنسانية الدولية أو غير الحكومية يشكك بنوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ الاتفاق لأنه يتخوف من انهيار تحالفه الحكومي واضطراره للاستقالة ومواجهة محاكمات لاتهامه بالفساد.
يبدو أن جهود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي كان أول من غرد بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار دفعت إلى قبول نتنياهو المبدئي به، فمبعوث ترامب عمل مع فريق بايدن الذي تأخر للضغط الفعلي على نتنياهو. ربما سرع اقتراب موعد تسلم ترامب الرئاسة السير نحو الاتفاق حتى ولو ما زال هناك تشكيك إزاء التنفيذ الذي يبدأ اليوم الأحد.
الجهد العربي الذي قامت به قطر ومصر ساهم بشكل كبير في إنجاح المفاوضات مع حماس ويحاول منذ فترة طويلة للتوصل إلى وقف إطلاق النار واصطدم بالتعنت الإسرائيلي.
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مجلة The lancet الطبية البريطانية أن الحرب الإسرائيلية في غزة أسقطت بين أكتوبر ٢٠٢٣ ونهاية يونيو ٢٠٢٤ مايقرب من٦٤.٣٠٠ قتيل وليس ٣٧.٩٠٠ حسب وزارة الصحة الفلسطينية. تقرير the lancet يظهر أن ٥٩ في المئة من القتلى نساء وأطفال.
ستبقى مأساة غزة الكارثية في أذهان وقلوب أطفال غزة لأجيال مع خطر محاولتهم الثأر لأهلهم إذا استمرت إسرائيل على هذا النهج. اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي يتضمن 3 مراحل مع المرحلة الأولى تستمر لمدة ٤٢ يومًا مع إطلاق سراح من عدد معين من الرهائن من الجانبين وانسحاب من ممر فيلادلفيا وإعادة فتح معبر رفح مع إدخال ٦٠٠ شاحنة يوميًا محملة بالمساعدات الإنسانية تضمنه الدول الثلاث قطر ومصر والولايات المتحدة. إنها مرحلة مهمة لاختبار نية حكومة نتنياهو بالاستمرار في المرحلتين اللاحقتين بعد ذلك. إذا التزم نتنياهو فالمطلوب من الرئيس ترامب أن يعمل مع حلفائه في الاتحاد الأوروبي والدول العربية الأساسية قطر والسعودية ومصر للنظر من أجل حل الدولتين المرفوض من إسرائيل.
وحده ترامب إذا كان يريد إدخال اسمه في التاريخ بإمكانه أن يعمل من أجل حل عادل للفلسطينيين لكن ما قام به بعهده السابق في نقل سفارته إلى القدس معتبرًا مدينة الديانات الثلاث عاصمة إسرائيل لا يوحي بالحل العادل للفلسطينيين ويطرح السؤال على المدى الطويل حول مصير غزة والضفة والشعب الفلسطيني.
صحفية لبنانية