تضحيات الجزيرة والصحافة في غزة

بقلم/ سامي كمال الدين:
رسمت الفرحة على وجه أهل غزة الحزينة بعد 465 يومًا من الحرب، واليوم تبدأ أولى خطوات صفقة وقف الحرب على غزة التي عقدت في الدوحة وشاركت فيها حماس وإسرائيل برعاية ودعم قطر ومصر والولايات المتحدة، ويسمح بدخول المساعدات لهذا الشعب الذي عانى من القتل والتجويع والحصار وعانينا معه آلامه وأحزانه.
ويبقى السؤال: هل يعود نتنياهو للحرب مرة ثانية؟
الإجابة لمن يدرس عقلية نتنياهو، تقول نعم سيعود للحرب مرة ثانية وثالثة، لكنه لن يستطيع أن يخرق هذا الاتفاق الذي صدقت عليه الحكومة الإسرائيلية، وقد حاول كثيرًا الانحراف به أو التملص من بعض نقاطه، لكنه يواجه الإدارة الأمريكية الجديدة التي تختلف عن إدارة بايدن، بل وتختلف عن إدارة ترامب السابقة، ومهما حاول بن غفير أو سموتريش توجيه سهام النقد والرفض للاتفاق، لكن لن يكون باستطاعتهما تغيير شيء فيه أو في المعادلة السياسية في الشرق الأوسط، نتنياهو يهتم أكثر برأي سيموتريش عكس بن غفير، لكنهم جميعًا سيلتزمون بما تمليه الإدارة الأمريكية، لكن قد يجر نتنياهو المنطقة إلى حرب أخرى بشكل مختلف.
المهم الآن وضع كل الآليات اللازمة لإعادة إعمار غزة، التي تحتاج سنوات حتى يكتمل إعمارها، وهو بحاجة إلى تكاتف كل دول العالم وليس الدول العربية فقط للمشاركة في الإعمار.
غزة تحتاج إلى بناء المستشفيات والبيوت والمدارس والمصانع، وإلى إعادة بناء الإنسان، ومداواة الجرحى الذين قد يعيش بعضهم حياته بشكل غير طبيعي.
من الدروس الملهمة في حرب غزة التغطية التي قام بها الزملاء في شبكة الجزيرة وفي كل المؤسسات الإعلامية، دفع عدد كبير منهم حياته ثمنًا لنقل الحقيقة للعالم، فاستشهد 206 من زملائنا في قطاع غزة، بعضهم قتل بشكل مباشر وعلني أمام العالم دافعًا ثمن الكلمة وأن يكون صوت من لا صوت له.
ولعل الكلمة التي وجهها أحمد بن سالم اليافعي مدير عام قناة الجزيرة إلى طواقم الشبكة في فلسطين عبرت عما يجول في خاطر كل صحفي شاهد زميلًا له يُستشهد أو يُصاب في هذه الحرب التي فاق عدد ضحاياها ضحايا كل الحروب طوال الصراع العربي الإسرائيلي، حيث قال اليافعي: «لقد أنهيتم فصلًا صعبًا وشاقًا، لكنه كان شاهدًا على جسارتكم، ورباطة جأشكم التي أبهرت العالم في مواجهة حرب إبادةٍ جماعية.
إن صمود فرق الشبكة وشجاعة الصحفيين الفلسطينيين، كانت السبيل الوحيد لكشف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للعالم، على الرغم من محاولات التعتيم، وإغلاق المكاتب واستهداف الطواقم الإعلامية.
لقد كان هؤلاء الزملاء في كل فلسطين أبطالًا بالفعل- كما وصفهم اليافعي- واجهوا الرصاص الحي وقصف سياراتهم والأماكن التي يقيمون فيها، خمسة عشر شهرًا وهم يعيشون ظروف الحرب مع أهل غزة ويشاهدون القتل المباشر للأطفال والنساء والرجال من المدنيين.
من هؤلاء الزملاء وائل الدحدوح الذي تعد قصته قصة شعب وليس أسرة فقط، أصيب واستشهد ابنه الزميل حمزة الدحدوح غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة، وبجواره استشهد الصحفي مصطفى ثريا قرب منطقة المواصي جنوبي غربي قطاع غزة، وكذلك الزملاء: سامر أبو دقة، إسماعيل الغول، رامي الريفي، أحمد أبو بكر اللوح، وغيرهم حيث وصل عدد الشهداء من الصحفيين في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى كتابة هذه السطور إلى 206 من الصحفيين والصحفيات.
الصحافة ليست جريمة، ويجب أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية الخطوات المنوط بها لتحقيق العدالة للصحافة ولشهداء الصحافة ولكل من استُشهد في هذه الحرب الأطول في فلسطين.
إعلامي مصري