جوانب مشرقة من حياة الرسول

بقلم/ ممدوح محمد الشمسي:
يقدمُ لنا الرسولُ – صلى الله عليه وسلم – أروعَ نموذجٍ للزوج الأرقى خلقًا وأدبًا وحبًا ووفاءً لزوجته، فهو خيرُ الناس لأهله. استوقفني ذلك الحديثُ الماتعُ، حيث تروي لنا أمُّ المؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها، فتقول: قالَ لي رَسولُ اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قالَتْ: فَقُلتُ: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟ فقالَ: أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ، قالَتْ: قُلتُ: أجَلْ، واللَّهِ -يا رَسولَ اللَّهِ- ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَك). رواه البخاري. وفي هذا الحديث جوانب مشرقة من حياة النبي الزوج – صلى الله عليه وسلم – ومنها:
– (المُحِبَ يلاحظ بدقة حال حبيبه: إنِّي لَأَعْلَمُ) يا الله، برغم كونه رسولًا يحمل دينًا يريد تبليغه للناس جميعًا، وقائدًا سياسيًا يدير دولة ناشئة ،تحيط به المخاطر من كل جهة، إلا أنه لا ينسى أنه زوج وعليه مسؤوليات، ويرقى فوق المسؤوليات الزوجية المعتادة بعاطفة جياشة، وقلب حنون، فهو يلاحظ حال زوجته منه، بل ويدقّقُ في طريقة التعبير والكلمات المُستخدمة، فالمحبّ قوي الملاحظة، يراعي مشاعر من يحبّ.
– (بيوتنا بين الرضا والغضب: راضِيَةً، غَضْبَى) يظن كثير من المقبلين على الزواج، أنَّ مفهومَ الحبّ أن تكون حياتهم خالية من المُشكلات والمنغصات والاختلافات، ولكن هذا ليس من الواقع في شيءٍ، ولو كان ذلك موجودًا لكان الأحرى به بيت النبي (صلى الله عليه وسلم)، فوطّنوا أنفسكم على تقلُّب الحال، وتغيُّر المزاج، ولكن المهم: كيف نتعامل مع المشكلة؟
– (فن حلّ المشكلة): إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى) وهنا يظهر لنا الوضوح في عرض المشكلة وتقديمها، فالنبي الزوج – صلى الله عليه وسلم – يصارح زوجته بالأمر الذي يلاحظه، ويفسر لها طريقة معرفته له.
4- (المُناخ اللطيف)، تستشعر وأنت تقرأ الحديث، تلك الأجواء الرقيقة، وذلك المناخ اللطيف بين الزوجين، فالأسلوب هادئ، والحديث ماتع، والحوار جاذب، والقلب رائق، والكلام صادق، تلمس الوفاق الروحي، والارتباط النفسي بينهما، فيعلمنا النبي (صلى الله عليه وسلم)، أنَّ صناعة المُناخ الجيّد بين الزوجَين من أهم العوامل الميسرة لحل أيّة مشكلة.