كتاب الراية

ضوء أخضر.. الوقت كالسيف .. إن لم تقطعه قطعك

إدارة الوقت ليست مجرد تقنية نمارسها لتحقيق أهدافنا، بل هي فنٌّ يرتقي بفهمنا للحياة وإدراكنا لقيمتها. فالوقت، هذا المورد الثمين الذي لا يمكن شراؤه أو استعادته، هو الأساس الذي تُبنى عليه الإنجازات وتُصاغ فيه الأحلام. وكما قال الفيلسوف الإغريقي سقراط: «الحياة التي لا تُراجع لا تستحق العيش»، وأي نجاح يحققه الإنسان ليس وليد الحظ، بل هو ثمرة إدارة حكيمة للوقت والجهود. إن الأفراد الذين يعرفون كيف يحددون أهدافهم ويرتبون أولوياتهم هم الذين يحققون التفوق. وكما قال ستيفن كوفي، صاحب كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فعالية»: «الشيء الأهم هو أن تجعل الشيء الأهم هو الشيء الأهم».

كل نجاح يبدأ بفكرة، وكل فكرة تحتاج إلى تخطيط محكم وتنفيذ مدروس. وهنا تأتي أهمية تحديد الأهداف بوضوح، ثم تقسيمها إلى خطوات صغيرة قابلة للتنفيذ. تلك الخطوات ليست مجرد وسائل لإنجاز المهام، بل هي دروب نحو الذات واكتشاف القدرات الكامنة، ليس كل ما يبدو عاجلًا مهمًا، وليس كل ما يبدو مهمًا عاجلًا. إدراك هذا الفرق هو مفتاح التميز في إدارة الوقت. عندما نرتب أولوياتنا بذكاء، نجد أنفسنا نعمل على الأمور التي تخلق الفارق الحقيقي في حياتنا. وكما قال الكاتب مارك توين: «إذا كان عليك أكل ضفدعة، فابدأ بالأكبر».

وفي اعتقادي إن إدارة الوقت ليست فقط لتحقيق الأهداف العملية، بل هي أيضًا لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. النجاح الحقيقي لا يُقاس بكمية الإنجازات فقط، بل بجودة الحياة التي نصنعها لأنفسنا ومن نحب. وكما قال الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور: «الحياة قصيرة، ولكنها تكفي لمن يعيشها بحكمة»، وعندما نخصص وقتًا لأنفسنا لنفكر، ووقتًا لعائلاتنا لنحب، ووقتًا لأعمالنا لنبدع، نجد أن حياتنا تصبح أكثر ثراءً وإشباعًا.

والتوتر هو العدو الأول للإبداع والإنجاز. وعندما نعجز عن إدارة وقتنا بشكل فعال، نجد أنفسنا أسرى لضغوط الحياة اليومية. لكن الحل يكمن في التنظيم والانضباط. يقول الكاتب بنيامين فرانكلين: «إذا لم تخطط، فأنت تخطط للفشل»، فالوقت ليس مجرد دقائق وساعات، بل هو جوهر الحياة نفسها. إدراك هذه الحقيقة يدفعنا إلى التعامل معه بحكمة واحترام. وكما قال الإمام الشافعي: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»، كما أن إدارة الوقت ليست رفاهية، بل هي مهارة يجب أن يتقنها كل من يسعى لتحقيق النجاح وبناء حياة ذات معنى. فمن خلال استغلال الوقت بحكمة، نصبح قادرين على تحويل أحلامنا إلى واقع، وأهدافنا إلى إنجازات.

وفي الختام.. إن الحياة رحلة قصيرة، والوقت هو الرفيق الذي يحدد مدى نجاحنا وسعادتنا فيها. إدارة الوقت ليست مجرد أداة لتقليل التوتر أو زيادة الإنتاجية، بل هي فلسفة تعيد تشكيل نظرتنا للحياة وقيمتها. وكما قال الفيلسوف ليو تولستوي: «الوقت الذي تستمتع بإضاعته ليس وقتًا ضائعًا». فلنجعل كل لحظة تمر في حياتنا ذات قيمة ومعنى.

والله ولي التوفيق ،،،

 

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X