المصلحة العامة في القرارات الإدارية

بقلم / د. راشد أبوديه
المصلحة العامة هي مفهوم مركزي في القانون الإداري، حيث تمثل الحاجة إلى تحقيق المنفعة الجماعية عبر اتخاذ قراراتٍ إداريةٍ توازن بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة للمجتمع. ومع ذلك، قد يتعرض هذا المفهوم للتفسير الخطأ في بعض الأحيان، خاصة عندما يُستخدم لتبرير قراراتٍ إداريةٍ لا تستند إلى معايير قانونية سليمة، كأن يتم نقل أو تعيين موظفين في مواقع غير متوافقة مع اختصاصاتهم أو كفاءاتهم. الخطأ في تفسير «المصلحة العامة» يظهر بوضوح عندما تستخدم كذريعة لإصدار قراراتٍ لا تعتمد على المبادئ القانونية المنصوص عليها في الأنظمة المعمول بها، مثل تلك التي تتعلق بالكفاءة والمؤهلات الوظيفية. فالمسؤوليات الإدارية لا تُحدد بِناءً على مبدأ التنقل العشوائي أو التدوير الذي يُحسن من «التوازن الوظيفي» في الظاهر، بل يجب أن تقومَ على معيار دقيق يستند إلى التخصصات المهنية والاختصاصات المطلوبة لكل منصب.
إن استخدام المصلحة العامة كحُجة لنقل أو تعيين موظفين دون مراعاة الاختصاصات يعني، في الواقع، تجاوز المعايير القانونية التي تحكم التعيين والنقل في الإدارة العامة، وبالتالي فإن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى تدهور مستوى الأداء الإداري وتعرقل تحقيق الأهداف المرسومة للجهات الإدارية. في السياق القانوني، لا يجوز إغفال شرط «المؤهلات والكفاءة» الذي يعد من الأسس الجوهرية لضمان سير العمل بشكل قانوني وفعال، فلا يمكن اعتبار المصلحة العامة مبررًا لتجاوز هذه الأسس.
القرار الإداري الذي يُتخذ تحت غطاء المصلحة العامة يجب أن يكون مبررًا بشكل قانوني، وألا يتم تبنيه إلا بعد التأكد من توافقه مع الأنظمة والأحكام القانونية، إذ إن اختراق هذه المبادئ قد يؤدي إلى قراراتٍ غير مشروعةٍ قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة، ما يُفقد الثقة في النظام الإداري ويعرّضه للمُساءلة القانونيّة.