الباب المفتوح … تنظيم العَلاقات الدولية عبر الاتفاقيات

تلعب الاتفاقياتُ الدوليةُ دورًا حيويًا في تنظيم العَلاقات بين الدول وضمان تحقيق المصالح المُشتركة، بما يساهم في تعزيز السلم والاستقرار الدوليين ونفاذ القانون والنظام الدولي. في عالم يشهد تداخلًا مُتزايدًا بين القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تصبح هذه الاتفاقيات أداةً رئيسيةً للتفاهم وتجنّب النزاعات وتسهيل التعاون.
في هذا السياق، يشهد العالم مؤخرًا عدة اتفاقيات هامة في ظل تصاعد الصراعات القطبية العالمية، أهمها اتفاقيات لإنهاء الحرب في غزة بفلسطين، وأخرى للتعاون المشترك بين روسيا وإيران في ظل تعزيز ثقل المعسكر الشرقي إلى جانب اتفاقية استراتيجية بين الولايات المُتحدة وكوريا الجنوبية كذلك في اتجاه تعزيز نفوذ المعسكر الغربي، تسلط هذه المقالة الضوءَ على أهمية تلك الاتفاقيات وأثرها على العَلاقات الدولية والاستقرار الاقتصادي وعَلاقة الدول ببعضها، وفي الرؤية الشمولية.
تسهم الاتفاقيات الدولية في منع النزاعات المسلحة وتهدئة التوترات السياسية، فالاتفاقيات التي تهدف إلى إنهاء الحروب تعمل على تقليل المعاناة الإنسانية وإرساء قواعد لسلام دائم موضوعي وتسهيل التعاون المشترك، حيث توفر إطارًا قانونيًا وأخلاقيًا للتعاون بين الدول في مجالاتٍ متنوعةٍ كالتجارة، والطاقة، والبيئة، والدفاع.
ثم تبرز أهمية بناء الثقة بين الأطراف فتساعد الاتفاقيات في بناء الثقة وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة أو الحليفة، ما يُقلل من فرص التصعيد ويوجّه الطاقات نحو البناء والتنمية، أولها اتفاق إنهاء الحرب في غزة، وهو من أكبر الأحداث على مستوى العالم، إذا لم يكن أهمها، فإنه خُطوة ضرورية لتحقيق الهدوء في منطقة تعاني من صراعاتٍ مستمرةٍ، وسيؤثر الاتفاق على المستوى الدولي بتخفيف التوتر في منطقة الشرق الأوسط، ما يُقلل من احتمالات امتداد الصراع إلى الدول المجاورة. ويعزز جهود الوساطة الدولية كدور الأمم المُتحدة ومصر وقطر، وسيترك أثرًا اقتصاديًا بفتح المجال لإعادة إعمار غزة ورفع المعاناة الإنسانية عن أهلها، ما يتطلب استثمارات دولية منتظمة، كما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لسكان المنطقة عمومًا، ما يؤدي إلى تقليل موجات الهجرة والنزوح.
أما الاتفاقية الروسية – الإيرانية للتعاون المشترك فقد وقعت روسيا وإيران اتفاقية تعاون جديدة تهدف إلى تعزيز العَلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، وتهدف إلى التعاون في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية وتعزيز التعاون الدفاعي والتكنولوجي بما ينعكس على استقرار الإقليم والعالم، وتعزز الاتفاقية القدرات الاقتصادية للدولتين في مواجهة العقوبات الغربية، كما توفر فرصًا جديدةً لتطوير مشاريع بنية تحتية قد تؤثر على أسواق الطاقة العالمية بالإيجاب، ووصولًا إلى الاتفاقية الأمريكية – الكورية الجنوبية، فقد شهدت العَلاقات بين الولايات المُتحدة وكوريا الجنوبية تقدمًا كبيرًا من خلال توقيع اتفاقية استراتيجية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، وتهدف الاتفاقية إلى مواجهة التهديدات من كوريا الشمالية وضمان الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، واقتصاديًا تعزز الاتفاقية التعاونَ التكنولوجي والتِجاري، خاصة في مجال أشباه الموصلات والطاقة النظيفة. كما توفر بيئة استثمار مستقرة في آسيا، ما يعزز النمو الاقتصادي الإقليمي، أما تأثيرها العالمي فيكمن في تحفيز التجارة الدولية وتوفير إطار قانوني يحمي التجارة الدولية ويشجع الاستثمارات، ما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي وضمان استقرار أسواق الطاقة، يشبه التعاون الروسي – الإيراني، حيث يؤثر على استقرار أسعار الطاقة عالميًا، وتضمن توفير إمداداتٍ مستقرةٍ.
إن الاتفاقيات الدولية ليست مجرد أوراق موقعة، بل هي أدوات حيوية لتوجيه العَلاقات الدولية نحو الاستقرار والازدهار. سواء كان الهدف هو إنهاء الحروب كما في غزة، أو تعزيز التعاون الاستراتيجي كما بين روسيا وإيران، أو تعزيز التحالفات كما بين أمريكا وكوريا الجنوبية، فإن لهذه الاتفاقيات أثرًا كبيرًا على تعزيز الأمن والاستقرار الاقتصادي العالمي.