كتاب الراية

مجرد رأي.. ترامب يعيد تشكيل أمريكا

أول «100 يوم» من التغيير الجذري

بخُطواتٍ جريئةٍ وغير مسبوقةٍ، بدأ الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية واضعًا أسسًا لحِقبةٍ سياسيةٍ تحمل وعودًا بتغييرٍ شاملٍ ومُثيرٍ للجدل، فتوقيعه على أكثر من 200 أمر تنفيذي في اليوم الأوّل لم يكن مُجرّد خُطوةٍ رمزيةٍ، بل رسالة واضحة تعكس عزمه على إعادة تشكيل المشهد السياسي الأمريكي وتنفيذ أجندته الطموحة دون تأخيرٍ.

من أبرز التحرّكات في أول يوم له، إعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية. هذا القرار يعكس التزامًا بمُعالجة ما يصفه ترامب ب «أزمة وطنية»، في مُحاولةٍ لإصلاح نظام الهجرة الذي طالما اعتبره معيبًا. تعزيز الأمن الحدودي ونشر القوات العسكرية هناك كان بمثابة استجابةٍ مباشرةٍ لقاعدته الانتخابية، رغم أن هذه السياسات قد تواجه انتقادات بشأن آثارها الاجتماعيّة والإنسانيّة.

اقتصاديًا، بدأ ترامب ولايته الثانية بتعهداتٍ جريئةٍ تهدف إلى القضاء على التضخم وتعزيز التصنيع الأمريكي. إعلان حالة طوارئ للطاقة، مع خطط لتوسيع عمليات التنقيب والإنتاج المحلي، يهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات الخارجية وزيادة الاكتفاء الذاتي. ورغم أن هذه السياسات تحمل وعدًا بنموٍ اقتصاديٍ مستدامٍ، فإنها تثير تساؤلات حول تداعياتها البيئية، فضلًا عن احتمال تصعيد التوترات مع الحلفاء التِجاريين.

على الصعيد الدولي، شهد اليوم الأول انسحابًا سريعًا من اتفاق باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، ما يوضح توجهًا جديدًا نحو تقليل الالتزامات الدوليّة وتعزيز السيادة الوطنية. يرى أنصاره في هذه الخطوات تعزيزًا للاستقلال الأمريكي، لكنَّ المنتقدين يرونها تراجعًا عن الدور القيادي للولايات المتحدة عالميًا، ما قد يفتح المجال أمام قوى أخرى مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها.

في خُطوةٍ مثيرةٍ للجدل، أصدر ترامب عفوًا عن غالبية مُداني أحداث «6 يناير». بينما اعتبرها أنصاره تصحيحًا لمسار العدالة، رأى مُعارضوه أن هذه الخطوة تهدد بمزيدٍ من التوترات السياسية وتضعف مبدأ المحاسبة. إلى جانب ذلك، كان إلغاء حقوق المواطنة المكتسبة بالولادة وإعادة العمل بسياسة «البقاء في المكسيك» من بين الإجراءات الأكثر تشددًا في مِلف الهجرة.

ما يميز هذه البداية ليس فقط حجم القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب، بل السرعة والطموح الذي تحمله. ورغم ذلك، يبقى النجاح مرهونًا بقدرته على تحقيق التوازن بين طموحاته الكبرى والتحديات التي قد تفرضها هذه السياسات على الداخل والخارج.

الرأي الأخير:

أول مئة يومٍ من ولاية ترامب الثانية تُمثل نقطةً فاصلةً قد تغيّر ملامح النظام الأمريكي بالكامل. بين الوعود بالنهضة الاقتصادية وإعادة الاعتبار للسيادة الوطنية، وبين المخاطر المتعلقة بتعميق الانقسامات والآثار بعيدة المدى، تبقى الأيام المقبلة هي الاختبار الحقيقي لرؤيته الطموحة.

(القرارات الجريئة تكتب التاريخ، لكن الحكمة هي ما تصونه)،

إلى اللقاء في رأي آخر.

 

 

كاتب شؤون دولية وقانوني قطري

Twitter:@NawafAlThani

http://www.NawafAlThani.com

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X