منبهات صحية.. مقترح لبَرنامج وطني لمكافحة السمنة لدى الأسر القطرية

تُعدّ السمنة مرضًا مُزمنًا يُصيب أكثر من ملياري شخص حول العالم، وهي من عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بالعديد من الأمراض المُزمنة. تُعتبر السمنة من أبرز المشكلات الصحيّة عالميًا، ما يستدعي استجابة مجتمعية شاملة تتضمن حلولًا وقائيةً وعلاجيةً مع التركيز على تحسين أنماط الحياة اليوميّة، ورغم جهود الحكومة القطرية، لا تزال مُعدّلات السمنة في قطر مقلقةً، حيث ترتبط المشكلة بالعديد من التحديات التي تواجه الأسر القطرية، مثل تغيّر أنماط العمل وطبيعة الحياة اليومية.
التحديات المرتبطة بالسمنة في المجتمع القطري
- تغير طبيعة العمل اليومي:
في السابق، كانت ساعات العمل تنتهي عند الساعة 12:30 ظهرًا، ما أتاح للأسر القطرية فرصةً للتجمع على وجبة الغداء وأخذ قسط من الراحة لاستعادة النشاط. لكن اليوم، تمتد ساعات العمل إلى أوقاتٍ متأخرةٍ، ما يؤدّي إلى تراجع فرص الراحة الجسدية والنفسية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
- تغير العادات الغذائية اليومية:
بسبب سرعة وتيرة الحياة اليومية، أصبح البعض يميل لتناول الوجبات السريعة والوجبات الليلية بدلًا من الاعتماد على وجباتٍ منزليةٍ صحيةٍ.
- تراجع النشاط البدني:
في السابق، كان الشباب القطريون يشاركون بانتظام في الأنشطة الرياضية ضمن الأندية مثل نادي قطر والنادي العربي، حيث كانت الأندية توفر الحافلات لنقل الشباب للتدريب خلال الفترة المسائية.
- تغير دور الأم في الأسرة:
كانت الأم الموظفة تجد الوقت الكافي لإعداد وجبات الطعام الصحية للأسرة، ما قلل من الاعتماد على المطاعم. اليوم، وبسبب زيادة ضغط العمل، أصبح طلب الوجبات الجاهزة أكثر شيوعًا.
- قلة الأنشطة العائلية الصحية:
كانت عطلات نهاية الأسبوع مخصصةً للخروج إلى الحدائق والمشاركة في أنشطةٍ رياضيةٍ مثل المشي أو لعب كرة القدم. أما الآن، فقد تقلصت هذه الأنشطة بشكل ملحوظ.
آلية تنفيذ البَرنامج الوطني لمكافحة السمنة
1- إنشاء مِنصة إلكترونية متكاملة:
يتم تسجيل جميع أفراد الأسر القطرية عبر مِنصةٍ تابعةٍ لوزارة الصحة العامة، وتشمل عملية التسجيل:
- توثيق بيانات كل فرد (نوع العمل، طبيعة الجهد البدني، العمر).
- إجراء فحصٍ شاملٍ لتحليل كتلة الجسم، ونسبة الدهون، ونسبة العضلات، ومعدل الأيض، ونسبة الماء في الجسم.
- بَرنامج متابعة مستمر:
- توقيع أفراد الأسرة على التزام مدته من 3 إلى 6 أشهر بالمشاركة في البرنامج.
- حضور مواعيد منتظمة في عيادات التغذية وإجراء تحاليل شاملة للدم.
- التوعية والتثقيف:
- تقديم محاضراتٍ توعويةٍ إلكترونيةٍ حول التغذية الصحية والنشاط البدني والصحة النفسية.
- وضع خططٍ تغذويةٍ ورياضيةٍ مخصصةٍ لكل أسرة.
- توثيق الأنشطة اليومية:
- تسجيل أنواع الطعام، والكَميات، وطرق الطهي، ومدى الالتزام بالنظام الغذائي.
- توثيق ساعات النوم، والأنشطة الرياضية، وعدد الخطوات اليومية باستخدام تطبيقاتٍ ذكيةٍ.
- المتابعة والالتزام:
- يُشترط الالتزام الكامل بالنظام الغذائي والنشاط البدني.
- في حال الغياب عن المُتابعة مرتين متتاليتين، يُستبعد الأفراد من البَرنامج، ولا يُسمح لهم بتقليل ساعات العمل.
- استخدام التكنولوجيا:
- الاعتماد على التطبيقات الذكية لمتابعة ساعات استخدام الأجهزة الإلكترونية، وعدد الخطوات اليومية، وساعات النوم.
في الختام:
السمنة ليست مشكلةً فرديةً، بل هي تحدٍ مُجتمعي يتطلب حلولًا جماعيةً. ومن خلال تبني سياساتٍ صحيةٍ مبتكرةٍ ومستدامةٍ، يمكن للمجتمع القطري أن يتصدّى لهذه الظاهرة وتحقيق مستقبل أكثر صحة لجميع أفراده.
خبيرة واستشارية في مجال التغذية العلاجية والمجتمعية