همسات قانونية.. شروط صحة الوقف

يُعرَّف الوقف بأنه حبس العين عن تمليكها لأحدٍ من العباد والتصدّق بالمنفعة على مصرفٍ مُباح، حيث أجازت المادة السادسة من قانون الوقف رقْم (9) لسنة 2021 وقف أي مال، عقارًا كان أو منقولًا، بما في ذلك الأسهم والسندات وجميع الأوراق المالية التي تقبل طبيعتها الوقف، وكذلك الأصول غير الملموسة شريطة أنْ تكونَ تلك الأموال مُستغلة استغلالًا جائزًا شرعًا، كما يجوز وقف النقود للإقراض أو لتحويلها إلى أصلٍ أو لإيداعها في حساب استثمار بالمصارف الإسلامية.
ويلزم لصحة الوقف قانونًا توافر مجموعةٍ من الشروط في كُلٍ من الواقف والمال الموقوف، حيث اشترطت المادة السابعة من قانون الوقف أن يكونَ الواقف كامل الأهلية غير محظور عليه التبرّع، وهو من الشروط العامة الواجب توافرها في كافة عقود التبرع، واشترطت أيضًا أن يكونَ الواقف مالكًا للمال المُراد وقفه أو له حق التصرف فيه، وألا يكونَ الواقف مدينًا بدَيْنٍ سابقٍ على الوقف مستغرقًا لجميع أمواله، أو إذا كان ما تبقى من مال الواقف بعد الوقف لا يكفي لسداد ما عليه من دَيْن، وفي هذه الحالة الأخيرة لا يكون الوقف صحيحًا ونافذًا إلا إذا أجازه دائن الواقف، ولا شك أنَّ الشرط الأخير قائم على أسس منطقية، حيث يهدف إلى مواجهة الحالة التي يحاول فيها المدين التهرّب من الوفاء بما عليه من ديونٍ عن طريق وقف ما لديه من أموال، ومن ثم لا يجوز وقف المدين لأمواله إلا في حدود ما زادَ عن الدَّيْن بشرط أن يسبق الدين الوقف؛ فإن تلاه صحَّ الوقف، وقد استثنى المشرّع حالة ما إذا أجاز الدائن هذا الوقف فيصح الوقف وإن كان ما تبقى من مال المدين لا يكفي لسداد الدين بل يصح ولو استغرق الوقف أموال المدين كلها.
وقد بينت المادة الثامنة من قانون الوقف الشروط الواجب توافرها في المال الموقوف، حيث يجب أولًا أن يكونَ المال مما يباح الانتفاع به قانونًا، فلا يجوز أن يكون محل الوقف مالًا غير جائز التعامل فيه، فلا يجوز وقف مصنع عقاقير سامة أو مواد مخدِّرة غير مصرّح بها، ويشترط ثانيًا أن يكونَ المال مملوكًا للواقف أو له حق التصرف فيه قانونًا، إذ لا يكفي أن يكون المال مملوكًا للشخص، بل يجب أن يكون حر التصرف فيه غير مغلولة يده عن المال، فلا يجوز وقف المال المحجوز عليه، كذلك فإن الشخص المفلس مغلول اليد عن التصرف في أمواله، فعلى الرغم من ملكيته للمال إلا أنه لا يجوز له وقفه لأنه ممنوع من التصرّف فيه، ويشترط أخيرًا ألا يكونَ المال مرهونًا، وذلك لأن المال المرهون يكون مخصصًا للدائن المرتهن ضمانًا لدَيْنه، ومن ثَمَّ فإنَّ وقف المال المرهون يغلّ يد الدائن المُرتهن عنه.