خبراء لـ الراية : مبادرات قطر ملهمة في توثيق التراث
محطة بارزة في تعزيز التعاون العربي لحماية التراث الوثائقي
الوثائق تشكل حجر الزاوية للحفاظ على الهوية التاريخية

الدوحة – أشرف مصطفى:
هنّأ عدد من خبراء التراث وباحثي التاريخ دولة قطر بمناسبة تتويجها برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، ونجاحها في تسجيل إنجازات متميزة في حفظ التراث الوثائقي، معتبرين هذه الخطوة انعكاسًا لريادة قطر وحرصها على توثيق الذاكرة الجماعية للأمة العربية والإسلامية.
وأشار الخبراء إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها دار الوثائق القطرية في حماية وتوثيق التراث، مشددين على أهمية التعاون الإقليمي لتعزيز حضور التراث العربي عالميًا. وأوضحوا أن المؤتمر الذي نظمته الدوحة بالتعاون مع منظمة اليونسكو أتاح فرصة لتبادل الأفكار والخبرات بين الباحثين والمختصين، مؤكدين أن الوثائق تشكل حجر الزاوية للحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية للأمم.
ونوّه المشاركون إلى أن التحديات التي تواجه التراث الوثائقي العربي، مثل الحروب والتغيرات المناخية، تستدعي مضاعفة الجهود لتعويض الفاقد من التراث وتوثيق العناصر المتبقية. كما أبدوا تقديرهم لمبادرات قطر في تسجيل مواقع أثرية ضمن قوائم التراث العالمي، مشيرين إلى أن هذه الجهود تُسهم في تعزيز مكانة التراث العربي على الساحة الدولية، ومؤكدين ضرورة استمرارية العمل للحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة.
د. مصطفى عقيل: التراث العربي بحاجة لتمثيل أقوى عالميًا
استهل الدكتور مصطفى عقيل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر لدول الخليج، كلمته بتهنئة دولة قطر على تتويجها برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، مؤكدًا أن هذا التتويج يعكس التزامها العميق بالحفاظ على التراث العربي. وأشار إلى أن ما تم طرحه من أفكار في المؤتمر عبرت عن جدية واضحة في تناول قضايا التراث الوثائقي، خاصة بعد فقدان الكثير من العناصر التراثية الثمينة.
وأشار الدكتور عقيل إلى أن مقارنة المنطقة العربية بدول العالم الأخرى تظهر أن التراث العربي لا يزال يعاني من تمثيل ضعيف على المستوى العالمي، بالرغم من أن العالم العربي يُعد مهد الحضارات والثقافات والأديان. وأضاف إن التراث العربي، بثرائه وتنوعه، يجب أن يكون من أغنى التراثات عالميًا، إلا أن الواقع يُظهر عكس ذلك، حيث لا يزال يمثل جزءًا بسيطًا من التراث العالمي المسجل.
وشدد الدكتور عقيل على ضرورة الاستمرار في بذل الجهود لتعويض التأخر في مجال توثيق التراث والحفاظ عليه، وتقدم بشكره في هذا السياق لما تبذله دار الوثائق القطرية من جهد، مؤكدًا أهمية تضافر الجهود لتوثيق كافة العناصر التراثية، بما يشمل الوثائق، والأحجار، والآثار. متمنيًا التوفيق للعاملين في هذا المجال، ومعربًا عن أمله في أن تُثمر اللقاءات والمبادرات الجارية حاليًا في جمع التراث والحفاظ عليه للأجيال القادمة، بما يليق بتاريخه وقيمته.
أحمد السلمان: توظيف الخبرات في تطوير العمل الوثائقي
هنأ أحمد سلمان السلمان، خبير بحوث ودراسات في دار الوثائق بإمارة الشارقة، دولة قطر على تتويجها برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، معتبرًا هذا الإنجاز تجسيدًا لريادتها في مجال حفظ التراث الوثائقي. وأكد أحمد سلمان السلمان على أهمية المؤتمر الإقليمي كمنصة تتيح للمشاركين التعرف على أحدث الدراسات والخبرات التي توصل إليها المختصون في مجال الوثائق والتراث الوثائقي. وأوضح أن الاطلاع على ما أنجزه الآخرون يُعد خطوة أساسية لاكتساب المعرفة وتبادل الخبرات التي يمكن توظيفها في تطوير العمل الوثائقي في مختلف المؤسسات.
وأكد السلمان أن مشاركة دار الوثائق في إمارة الشارقة في هذا المؤتمر تهدف إلى التعرف على تجارب الدول الأخرى في التعامل مع الوثائق وأرشفتها، لا سيما في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه هذا المجال. كما أشار إلى أن هناك حاجة ملحة للاستفادة من التوصيات والخبرات المعروضة في المؤتمر لتطبيقها بشكل عملي في الشارقة، بما يعزز من جودة العمل الوثائقي ويرتقي به.
ودعا السلمان إلى الاستفادة القصوى من الأوراق البحثية والتوصيات التي صدرت عن المؤتمر، مشددًا على أن هذه الفعاليات تمثل فرصة ثمينة للتطوير والتعاون الإقليمي في مجال الوثائق.
حمد الصولي: الوثائق ذاكرة الأمة الحية
أعرب حمد بن خليفة الصولي، مدير منظمات التعاون الدولي في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، عن سعادته بتتويج دولة قطر برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، معتبرًا أن هذا الإنجاز تأكيدٌ على دورها القيادي في حماية التراث الوثائقي. وأعرب الصولي مدير منظمات التعاون الدولي في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان عن شكره وتقديره لدار الوثائق القطرية على الدعوة الكريمة وحسن الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكدًا أن هذا المؤتمر يُعد من المؤتمرات المهمة التي ستترك أثرًا إيجابيًا على الأمة بشكل عام. وأشار إلى أهمية الوثائق باعتبارها الذاكرة الحية للأمة، التي تحفظ ماضيها وتمهد لحاضرها ومستقبلها، مما يجعل الاهتمام بها واجبًا للحفاظ على الهوية والتراث.
وأوضح أن العالم يواجه تحديات كبيرة، سواء تلك الناجمة عن تغير المناخ أو الحروب، ما يجعل الحفاظ على التراث الوثائقي أكثر أهمية من أي وقت مضى. وبيّن أن أوراق العمل التي تُعرض خلال المؤتمر ذات فائدة كبيرة لكافة الدول والجهات المعنية في هذا المجال. كما أثنى على الدور الذي تقوم به دار الوثائق القطرية بالتعاون مع اليونسكو في تنظيم هذا الحدث المهم، مشددًا على ضرورة أن تُترجم التوصيات الصادرة عن المؤتمر إلى خطوات عملية تُعزز العمل في مجال الوثائق والتراث الوثائقي.
محمد عبدالله صادق: توثيق التراث الإسلامي والعربي أولوية
أعرب محمد عبدالله صادق، الباحث في الآثار بمتاحف قطر، عن فخره لفوز دولة قطر برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، وقال إن هذا التتويج سيمثل إضافة للتراث في العالم العربي، حيث يعكس ريادتها في مجال التراث الوثائقي وجهودها الدؤوبة في هذا الإطار. وأوضح أن المؤتمر مثل فرصة هامة لتوثيق التراث العربي والإسلامي بمختلف أشكاله، مشيرًا إلى أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الباحثين في مجالات الآثار، الوثائق، والترميم العمراني. وقال إن المؤتمر قد سلط الضوء على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية للدول العربية والإسلامية من خلال حماية المواقع التراثية. وأشار إلى أن دولة قطر قد حققت إنجازات في هذا السياق، حيث تم تسجيل موقع «الزبارة الأثري» ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو في عام 2019، باعتباره أحد أبرز المواقع الأثرية في الدولة. وأضاف إن هناك جهودًا جارية لدراسة إمكانية تسجيل المزيد من المواقع الإسلامية في قطر ضمن هذه القائمة.
د. علي عفيفي: ضرورة لحفظ الذاكرة الجماعية الوطنية
استهل الدكتور علي عفيفي، المختص في التاريخ، تصريحاته بتهنئة دولة قطر على تتويجها برئاسة لجنة ذاكرة العالم العربي، معتبرًا أن هذا الإنجاز محطة بارزة في تعزيز التعاون العربي لحماية التراث الوثائقي. وقال إن تنظيم دار الوثائق القطرية لمؤتمر «الذاكرة في التراث» جاء في الوقت المناسب، إذ تمر المنطقة العربية بعدد من الثورات والصراعات، التي أثرت على التراث الوثائقي العربي، الذي يشكل الذاكرة الجماعية الوطنية، ويعتبر مصدرًا تاريخيًا مهمًا، لا غنى للباحث في التاريخ عنه، وأكد في هذا السياق أن الوثائق هي التي تمكن المؤرخين من كتابة التاريخ، وتوثق حضارات الأمم والشعوب، لأن التاريخ هو الذي يقدم دروس الماضي، ويحفز الدافع الوطني لاجتياز ما يمر به الوطن من ظروف، بالاستفادة مما مرّ به الآباء والأجداد من تحديات وصعوبات. وأشار إلى أن هذا المؤتمر يشكل ضرورة وأهمية، واصفًا له بالرباط المتين، الذي يربطنا بالهوية العربية الإسلامية، خاصة أن العالم العربي والإسلامي بحاجة للمزيد من الجهود، والتعاون، والتنسيق، لأجل الحفاظ على تراثه، وتسليط الضوء عليه.
د.شريف شاهين: تدريب مؤسسات ذاكرة العالم العربية
أوضح الدكتور شريف كامل شاهين، رئيس اللجنة الوطنية المصرية لذاكرة العالم، أن إطلاق لجنة إقليمية عربية لذاكرة العالم، سيعزز من فرص تدريب مؤسسات ذاكرة العالم في الدول العربية، مثل المكتبات والأرشيفات والمتاحف، على تسجيل المواد التراثية العربية دوليًا، مما سيساهم في زيادة عدد هذه المواد على مستوى العالم. كما أكد على أهمية التعاون بين الأرشيفات والمكتبات والمتاحف في العالم العربي، وتدريب العاملين فيها، مع ضرورة تحسين مواردها المالية والبشرية، لدعم المشاركات الدولية. وأشار إلى أن المؤتمر يشكل فرصة طال انتظارها لتعزيز التعاون العربي في مجال ذاكرة العالم، خاصة وأن الإسهامات العربية في هذا المجال منذ عام 1992 لا تتعدى 3% من إجمالي المواد التراثية الوثائقية المسجلة عالميًا.