«بلومبيرج»: قطر تعزّز مكانتها الدولية في الوساطة بعد اتفاق غزة

الدوحة -الراية :
سلَّطتْ وكالةُ بلومبيرج الإخباريَّة، الضّوءَ على نجاحِ قطرَ في إبرام اتفاقِ وقفِ إطلاق النار، الذي طال انتظارُه في غزةَ، مُشيرةً إلى أنَّ القوةَ الدبلوماسيَّةَ القطريةَ، يمكنُ أن تُستخدمَ في حلِّ الكثير في الصراعات الأخرى. وفي مقالٍ تحليلي للكاتبة فيونا ماكدونالد قالتِ الوكالة: » عزَّزَ نجاحُ قطر في المُساعدة في التوسط في وقف إطلاق النار الذي طالَ انتظارُه في غزة، سمعتَها كوسيط دوليّ، حيث يمكن لقطر، الآن، التوسطُ للمساعدة في الصّراعات الأخرى.
ولفتتِ الوكالةُ إلى استضافة قطر المحادثاتِ غيرَ المُباشرة في المرحلة النهائيَّة بين إسرائيل، وحماس، والتي بلغتْ ذِروتها في الهدنة التي بدأت يوم الأحد، حيث عملَ معالي الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجيَّة، على مدار الساعة لإتمام الاتّفاق، والذي توَّج أكثر من عام من المُفاوضات المُحبطة في كثيرٍ من الأحيان، حيث شارك مسؤولون من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وفريق خليفته دونالد ترامب في المرحلة النهائيَّة.
وأشارتِ الوكالةُ إلى أنَّه لم يلتقِ المسؤولون الإسرائيليون، والمفاوضون من حماس وجهًا لوجه في مجموعةٍ من الاجتماعات النهائيَّة المنظمة للغاية في العاصمة القطرية، ما يؤكدُ الطبيعة المعقدة للمُشاركة عالية المخاطر. وتعمل قطرُ على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النّار، عندما تنتهي الهدنةُ الأوليةُ في أقلَّ من ستةِ أسابيع.
وأوضحتِ الوكالةُ أنَّه سوف تكونُ خطوطُ الدوحة مع حماس، ذاتَ أهمية قصوى مرة أخرى في مُفاوضات أخرى شديدة الحساسيَّة، مع وجود عددٍ من الأسئلة التي لا تزالُ بحاجة إلى إجابة، بمن في ذلك من سيديرُ في نهاية المطاف القطاع الذي مزّقته الحربُ، ويشرف على إعادة الإعمار.
وبيَّنت الوكالةُ: كانَ الاختراق بين إسرائيل وحماس نتاجًا لأكثر من عقد من الجهود القطرية، لوضع نفسها كوسيط لا غنًى عنه في الشرق الأوسط.
نشاطٌ إقليميٌّ
من جانبِها، قالت آنا جاكوبس، زميلة غير مُقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: إنَّ قطرَ كانت «محورية» طوال عملية التفاوض، «وليس فقط بسبب علاقتها بحماس». «علاقاتها الوثيقة للغاية مع الولايات المتحدة، ومشاركتها مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، وعلاقاتها المحسنة كثيرًا مع جيرانها، مثل: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، هي التي جعلت الدوحةَ الفاعل الإقليمي المُتكامل».
وأضافتْ : » وفي لعبة القوة الناعمة تشارك البلاد كوسيط في أكثر من 10 قضايا أخرى، جارية من مُختلف الأنواع، وتبحثُ عن أماكن أخرى، يمكن أن تكون فيها في الخِدمة.
فعلى سبيل المثال، ترى قطرُ إمكانيةَ العمل في أفغانستان، حيث تريد المساعدة في تحسين الوضع الإنسانيّ.
وتابعت: » استضافتِ الدوحةُ محادثاتٍ بين الولايات المتحدة وطالبان في عام 2020، بالتعاون مع إدارة ترامب الأولى، واستمرَّت في إجلاء النازحين الفارَّين من أفغانستان بعد استعادة طالبان السلطة في العام التَّالي. وقالتْ وزارةُ الخارجية: إنَّ قطر سهّلت هذا الأسبوعَ صفقةَ تبادُل شهدت إطلاق سراح مُواطنين أمريكيين مُحتجزين في أفغانستان.
عَلاقات مع طهران
ولفتت الوكالةُ إلى أنَّ قطر ترتبط بعلاقات بنَّاءة مع إيران، التي تشترك معها في أكبر حقلٍ للغاز في العالم. والهدفُ من ذلك هو الاستفادة في المساعدة على تخفيف التوترات بين طهران وواشنطن. وصلت هذه التوتراتُ إلى ذِروتها خلال فترة ولاية ترامب الأولى في منصبِه، حيث أشرف الرئيس الأمريكي الجديد على استراتيجية أطلق عليها «أقصى قدر من الضغط»، حيث انسحب من اتفاق بشأن الأنشطة الذرية للجمهورية الإسلامية، وفرض عقوبات اقتصادية شديدة.
أشارَ الرئيسُ الإيرانيُّ مسعود بزشكيان، الذي انتخب العام الماضي على أجندة إصلاحية، إلى رغبته في متابعة إعادة التواصل مع الغرب بشأن كلٍّ من التطوير النووي، والعقوبات. وقالت الوكالةُ: لقد ساعدت قطر في الماضي في تحرير السجناء الأمريكيين من إيران، وساعدت في المفاوضات لإطلاق سراح الأطفال الأوكرانيين الذين أخذتهم روسيا بعد غزوها في عام 2022. هناك احتمال كبير أن تبدأ الوساطة الأوكرانية الروسية بجِدية هذا العام، ولدى الدول ذات الخبرة في هذا المجال القدرة على المشاركة كوسطاء.
سوريا الجديدة
وحولَ الملفّ السوري قالت الوكالة: » في العالم العربي، كانت قطر والكويت الدولتَين الخليجيتَين الوحيدتَين اللتَين رفضتا تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، الذي أُطيح به أواخر العام الماضي. وتتطلع الدوحة الآن إلى المُساعدة في إعادة بناء سوريا التي مزَّقتها الحربُ، بالتنسيق مع تركيا، والمملكة العربية السعودية؛ لضمان عدم تحوّلها إلى دولة فاشلة، وانتقال سلس إلى حكومة رسميَّة.
وتقدمُ قطرُ الدعمَ الفنيَّ لإحياء البنية التحتية في سوريا، بما في ذلك قطاع الكهرباء، ومن المرجح أن تستثمر في مشاريع إعادة الإعمار.
موقف مُحايد
ونقلتِ الوكالةُ عن عبدالعزيز العنجري، مؤسس ورئيس شركة ريكونيسانس ريسيرش ومقرها الكويت، قوله: إنَّ نجاح قطر كوسيط «ينبع من موقفها المُحايد والنزيه، وافتقارها إلى العداوات التاريخيَّة مع العديد من الأطراف، واستعدادها للتعامُل مع مجموعات، مثل: حماس، وطالبان، والقوى الغربية في وقت واحد».
وأضافَ العنجري: «كلما فعلوا ذلك، أصبحوا أكثر تفردًا، وزادت صعوبة اعتبار الآخرين وسطاء موثوقين».