جسدت زيارةُ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدى (حفظه الله)، إلى سلطنة عُمان الشقيقة، ومُباحثات سموه مع جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة عمق العَلاقات الأخويّة والروابط التاريخيّة المتينة، ورغبة قيادتي البلدين في دفع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لآفاق أرحب، بما يُحقق التطلعات والآمال المُشتركة لمُستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.
وقد تابعَ أهل قطر العزة والمجد وسلطنة عُمان السلام والمحبة، الترحيبَ الرسمي والشعبي والإعلامي الواسع لسمو الأمير المُفدى، حيث تقدّم أخوه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة (حفظهما الله) مستقبليه لدى وصوله المطار السلطاني الخاص.
وتوّجت مظاهر الترحيب الاستثنائية بمرافقة سرب من الطّائرات العسكريّة التّابعة لسلاح الجوّ السُّلطانيِّ العُمانيِّ للطّائرة المُقلّة لسُموّ الأمير المفدى لدى دخولها أجواء سلطنة عُمان، حتّى وصولها إلى المطار السُّلطانيّ الخاصّ ترحيبًا بمَقدم سُموّ الأمير.
وتقدّم جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة، مستقبلي أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدى، خلال مراسم الاستقبال الرسمية والشعبية لدى وصول سمو الأمير إلى قصر العلم بالعاصمة العمانية مسقط أمس، حيث بدأت مراسم الاستقبال الرسمية عند دخول موكب سمو الأمير المُفدى من بوابة مسقط إلى قصر العلم، وتضمنت عرضًا عسكريًا وتراثيًا، بمصاحبة فرق من الهجن والخيالة السلطانية والموسيقى العسكريّة والفنون الشعبية مردّدةً العبارات الترحيبيّة، فيما أطلقت المِدفعية السلطانية 21 طلقة ترحيبًا بسموّ الأمير.

دفعة جديدة للعَلاقات

 

حفاوة الاستقبال المهيبة والاستثنائيّة عكست مشاعر الحب والسعادة ومتانة العلاقات الأخوية التي تعد نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، وأكدت تلك المظاهر أهمية الزيارة كخُطوة استراتيجية ونقطة تحول جديدة في مسار العلاقات، بما يساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي، وفرصة لبحث قضايا المنطقة وتكثيف التنسيق بين قيادتي البلدين في ظل التحديات المعقدة التي تشهدها المنطقة.
وقد أكدَ سمو الأمير وجلالة السلطان خلال جلسة مباحثات رسمية بقصر العلم ما يجمع البلدين من علاقات أخوية تاريخية وراسخة، تجسد التعاون المشترك لهما في مختلف المجالات، وحرص سموه وجلالته على تعزيز هذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب لا سيما في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتعليم والبحث والتطوير وأهمية تعزيز الاستفادة من الفرص الاستثمارية والتِجارية، بما يوطد العلاقات المتينة بين البلدين والشعبين الشقيقين ويحقق المصالح المشتركة لهما.

تشاور وتنسيق

 

وقد حظيت زيارة صاحب السمو لسلطنة عمان الشقيقة باهتمامٍ كبيرٍ، بالنظر إلى ما تمثله من حرص قيادتي البلدين على التشاور حول مختلف القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، والتنسيق سواء على المستوى الإقليمي داخل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو في جامعة الدول العربية، أو على المستوى الدولي من خلال المنظمات العالمية لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، فضلًا عن رغبة قيادتي البلدين للعمل معًا لتحقيق أهدافٍ مشتركةٍ تسهم في استقرار وتحقيق أمن المنطقة والعالم، عبر الحوار والعمل على حل النزاعات بالطرق السلمية والدبلوماسية، والذي يمثل نهج البلدين الشقيقين خلال العقود الخمسة الماضية، وهو ما ظهر بوضوحٍ في العديد من المِلفات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

التعاون والشراكة

 

ويتطلع شعبا البلدين بتفاؤلٍ وفخرٍ بأن تكونَ زيارة صاحب السمو لسلطنة عمان الشقيقة بداية مرحلة جديدة من التعاون والشراكة في مجالات الاقتصاد والنقل واللوجيستيات والطاقة، ودفع التعاون السياحي لآفاق أرحب، من خلال تسهيل تبادل السياح وتنظيم معارض وفعاليات سياحية مشتركة، خاصة أن سلطنة عمان تتمتع بمقوماتٍ سياحيةٍ رائعةٍ، كما أن دولة قطر تُعد وجهةً سياحيةً عالميةً متقدمةً في مجال الفعاليات والمنتجعات الفاخرة.
وهناك استثمارات مشتركة ومتبادلة، خاصة في قطاعات البنية الأساسية والطاقة المتجدّدة والسّياحة والصّناعات التحويليّة، وشهد التبادل التِجاري بين البلدين نموًا مستمرًا، وصل 20% في العامين الماضيين.

التطلعات الشعبية

 

ولا شك أن الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين يمثل أهم التطلعات الشعبية لنتائج زيارة سمو الأمير المُفدى لسلطنة عمان الشقيقة، فقد أسهمت اللجنة العمانية القطرية المشتركة التي تأسست عام 1995م، في تعزيز التعاون المستمر بين البلدين من خلال بحث أوجه التعاون المختلفة، وتحديد الفرص الاستثمارية المشتركة، وقد عقدت اللجنة 23 اجتماعًا حتى العام الماضي، ما يعكس قوة التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. وتُعد زيارة سمو الأمير لسلطنة عمان الشقيقة فرصةً لفتح آفاقٍ جديدةٍ للقطاع الخاص في كلا البلدين، في المجالات الصناعية والتِجارية والاستثمارية، وبحث سبل تطوير المشاريع المشتركة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية والبنية التحتية، ما يخلق فرصًا جديدةً تعود بالنفع على الجانبين.

القطاع الخاص

 

ويتطلعُ القطاع الخاص بتفاؤلٍ لتوسيع أفق التعاون وتعميق الروابط الاستراتيجية بين الدولتين وتعزيز قدرتهما على مواجهة التحديات العالمية، وتعميق الشراكة والتعاون الاقتصادي بين البلدين، وتسهيل الاستثمارات المتبادلة، وتطوير التبادل التِجاري، وزيادة حجم الصادرات والواردات.
فهناك تفاؤل كبير يسود قطاعات الأعمال والتجارة تجاه زيارة صاحب السمو نحو مزيد من التعاون المُثمر بين القطاع الخاص القطري والعُماني، الذي يسير بخُطى ثابتة ومُتطورة، خاصة أن الجهود التي تبذلها غرف التجارة في كلا البلدين تُسهم في تعزيز مزيد من التعاون والشراكة بين قطاعات الأعمال في كلا الجانبين.
ويترقب قطاع الأعمال في البلدين ما ينتج عن الزيارة من تسهيلٍ للاستثمارات المتبادلة وتقديم حوافز للشركات ورجال الأعمال، بما يُعزز بيئة الأعمال في كلا البلدين الشقيقين في مسيرتهما نحو بناء مستقبل اقتصادي مستدام.

الاستثمارات القطرية

 

وشهدت الاستثمارات القطرية في سلطنة عُمان بنهاية عام 2023 نموًا بنسبة 12 بالمئة لتصل إلى 730 مليون ريال عماني مقارنة بعام 2022 التي بلغت 651.9 مليون ريال عُماني، وبلغت الصادرات العُمانية إلى دولة قطر حتى أكتوبر عام 2024م نحو 140.2 مليون ريال عُماني، في حين بلغ إجمالي واردات سلطنة عُمان من دولة قطر حتى أكتوبر عام ٢٠٢٤م نحو 708.7 مليون ريال عُماني.
ويتبين بعد تحليل البيانات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أنّ الميزان التِجاري حتى أكتوبر عام ٢٠٢٤ م كان لصالح دولة قطر، حيث بلغت قيمة الاستثمارات القطرية بنهاية الربع الثالث من عام 2024 نحو 488.3 مليون ريال عُماني، كما وصل عدد الشركات القطرية المستثمرة بسلطنة عُمان إلى 15 شركة، وفي المقابل ارتفعت قيمة الاستثمارات العُمانية المباشرة في دولة قطر من 4.1 مليون ريال عُماني في عام 2022 إلى 4.3 مليون ريال عُماني في عام 2023.

صندوق استثماري

 

وتمَّ تأسيس صندوق استثماري مشترك بين الجانبين القطري والعُماني تحت مسمى شركة الحصن للاستثمار، حيث تأسست في عام ٢٠٠٧م وهي شركة مساهمة مغلقة مقرها في مسقط، وشراكة بين شركة قطر القابضة التابعة لهيئة الاستثمار القطرية بنسبة 50% وجهاز الاستثمار العُماني بنسبة 50%. وتستثمر الشركة في مشروعات من مختلف القطاعات منها القطاع المصرفي، والصناعة، والاتصالات والتكنولوجيا، والغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم والسياحة والنفط والغاز، وقد أثمرت بشراكات استثمارية منها إنشاء الشركة العُمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية وشركة قطر للمواد الأوليّة وغيرها. كما تمّ إنشاء مجلس رجال الأعمال القطري العُماني تحت مِظلة غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة تجارة وصناعة عُمان لتوثيق العلاقات التجارية وفتح مجالات الاستثمار المشتركة بين البلدين لتفعيل الزيارات المتبادلة للوفود التجارية بين البلدين والمشاركة في المعارض التِجارية المشتركة.

استثمارات متنوعة

 

وتنوّعت الاستثمارات القطرية في سلطنة عُمان بين الصناعات التحويلية في صناعات الأمن الغذائي والدوائي، وقطاعات أخرى منها التعليم وقطاع المصارف والاتصالات والتكنولوجيا على مستوى أجهزة الاستثمار وقطاعات التشييد وتجارة الجملة والسياحة واللوجستيات والتعدين وأنشطة العقارات والاتصالات والتأمين وغيرها على مستوى الشركات الأخرى.
تلك الروح الأخوية والسعادة الغامرة بزيارة سمو الأمير المُفدى، تجسّد قوة اللُحمة الخليجية، وإرادة القيادات الحكيمة في مزيدٍ من التعاون لخير وازدهار المنطقة، والمضي قدمًا للمساهمة بعزمٍ وإخلاصٍ في ترسيخ الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

abtvxrraya