في رحاب القانون.. الوساطة القطرية سياسة راسخة ومبدأ دستوري
ناصر بن هطيل المري
قيل عنها نصيرة الشعوب تارةً، وصوت الحق في المجتمع الدولي تارةً أخرى، وما من نزاع دولي يُثار إلا وفي نفوس الشعوب لو أن دولة قطر تتدخل بوساطتها لتهدئة النزاع وحله بما يُوطد السِلم والأمن الدوليين.
لِما عُرف عنها بالوساطةِ النزيهة والموافِقة لقيم الحق ومبادئ العدالة، إنها دولة قطر صاحبة الباع الطويل في الوساطة والحوار الدوليين، شمل الشرق الأوسط وامتد حتى أقاصي القارات.
كما تفردت قطر بالعديد من الوساطات وتقريب وجهات النظر بين دول عُرف عنها التصارع والتضاد.
ولا تكتفي قطر بذلك النوع من الوساطات الذي يتعلق بالدول وحدها، بل تمتد بدورها لتشمل الجوانب الإنسانية، كالوساطة في الإفراج عن الأسرى، ووقف إطلاق النار، وبخصوص هذا النوع الأخير من الوساطات، فإن أقلام حماس والكيان المحتل التي وقعت على اتفاقية وقف إطلاق النار في العاصمة القطرية «الدوحة» لا زالت لم تجف.
وتمارس قطر هذه الجهود الدولية منذ أكثر من 20 عامًا، كسياسة خارجية تقوم على تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية كما نصت بذلك المادة (7) من الدستور الدائم.
ويتضح أن الوساطة القطرية كانت تُعد مُمارسة تندرج تحت السياسة الخارجية، إلا أن التعديل الدستوري الذي حصل بتاريخ 6 نوفمبر 2024م، جعلها مبدأً دستوريًا ودورًا من أدوار الدولة في الساحة الدولية.
حيث أُضيفَ لنص المادة (7) من الدستور «.. تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وبما يتفق ودور الدولة في حل تلك المنازعات على المستويين الإقليمي والدولي من خلال الوساطة والحوار، وما يستلزمه ذلك من الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها ..»
وقد أشار المُشرع الدستوري في المذكرة التفسيرية للتعديلات، للفلسفة الكامنة وراء تقرير مبدأ الوساطة بقوله «وتكريسًا للدور الهام الذي تقوم به دولة قطر في حل النزاعات والصراعات الدولية، فقد تضمن تعديل هذه المادة بيان ثوابت الدولة حيال قيامها بالوساطة والحوار لحل النزاعات على المستويين الإقليمي والدولي، وجدير بالذكر أن هذه الوساطة وفقًا للمستقر عليه يتعين أن تتم على أساس قيم الحق ومبادئ العدالة وقواعد القانون الدولي».
وبتحويل الوساطة من ممارسة سياسية قابلة للتخلي، إلى مبدأ دستوري مُلزم ودور جوهري من أدوار الدولة دوليًا، جسدت قطر النموذج المثالي للوسيط المؤتمن والمُتمكن، والطرف الدولي المُعزز لمبادئ القانون الدولي.