تحملُ زيارةُ حضرةِ صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المُفدَّى، التاريخيةُ إلى الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة الشَّقيقة رسائلَ ومضامينَ هامةً، في مسيرةِ الدعم القطريّ الثَّابت للشعب السوري، والذي لم يتوقفْ خلال ال 14 عامًا الماضية.
فالزيارةُ التي تعدّ أوَّل زيارةٍ يقومُ بها قائدُ دولةٍ للعاصمة السورية منذ سقوط النظام السابق في الثامن من ديسمبر الماضي، تعكسُ التزامَ القيادة القطرية بمواصلة الدعم اللامحدود للشعب السوري الشقيق، وحشد المُجتمع الدولي نحوَ دعمِ مُراد الشعب السوريّ في تحقيق كل ما ضحَّى من أجله في السنوات الماضية، وهو ما أكَّده سُموُّ الأمير، خلال لقائه أخاه فخامةَ السيّد أحمد الشرع رئيس الجمهوريَّة العربية السورية الشقيقة، أمسِ، في قصر الشعب بالعاصمة دمشق.
فقد جدَّدَ سُموُّ الأمير (حفظه الله)، خلال اللقاء مواصلةَ دولة قطر وقوفَها مع الأشقاء السوريين؛ لتحقيقِ أهدافِهم التي ناضلوا من أجلِها وصولًا إلى دولة تسودُها الوَحدة والعدالة والحُريَّة، وينعم شعبُها بالعيش الكريم.
كما حملت زيارةُ سُموُّ الأمير رسالةً هامةً بدعم سوريا المُستقبل، التي ودعت مرحلةَ الثورة، وبدأت مرحلةَ بناء دولة المؤسَّسات والقانون والعدالة، وهو ما بدا من تهنئةِ سُموِّ الأمير، فخامةَ الرئيس السوري بمُناسبة انتصار الثورة السورية واختياره رئيسًا للمرحلة الانتقالية، مجددًا سُموُّه موقفَ دولة قطر الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، ومشيدًا في هذا الصدد بالجهود التي تبذلُها الإدارةُ السوريةُ الجديدة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدّرات الدولة، وتأمين الاحتياجات الضروريَّة للشعب السوري.

إعادة الإعمار

 

رسالةٌ أخرى حملتْها زيارةُ صاحب السُّموِّ، بدعم دولة قطر ذات الثقل والتأثير الفاعل دوليًا، لسوريا المستقبل، والتي يتطلع شعبُها لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية والتحرك بسرعة نحو إعادة الإعمارِ، حيث شدَّدَ سُموُّ الأمير على الحاجة الماسّة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوريّ لتوطيد الاستقرار والمُضي قدمًا في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار.

الرسائل والتطلّعات

 

ولا شكَّ أنَّ من أهم الرسائل والتطلعات المشتركة التي حملتْها زيارةُ سُموِّ الأمير المُفدَّى (حفظه الله)، رغبة وإرادة قيادتَي البلدين للارتقاء بمستوى العَلاقات إلى آفاقٍ أرحبَ في مختلِف القطاعات والمجالات، وبناء شراكة مستقبلية تعود بالنفع على البلدين وشعبيهما الشقيقين.. وهو ما أكَّدَ عليه فخامةُ رئيس الجمهوريَّة العربيَّة السورية، الذي رحّب بزيارة سُموِّ الأمير المُفدَّى، مؤكدًا أنَّ تلك الزيارة تعكسُ مواقف دولة قطر الثابتة والداعمة في كل المراحل للشعب السوري، وحرصها على تعزيز العلاقات بين البلدَين، وأنَّ المرحلة المقبلة ستشهد تعاونًا استراتيجيًا بين البلدين في مختلف المجالات، منوهًا في هذا الصدد بتطلع بلاده للاستفادة من الخبرات القطرية لتحقيق النهضة المنشودة في سوريا.
فالزيارةُ تحملُ أبعادًا اقتصاديةً، بتعزيز الدور القطري في جهود إعادة الإعمار، وتطوير التعاون لا سيما في قطاعاتٍ حيويةٍ، مثل: الطاقة، والنقل، والإسكان، حيث تمتلكُ قطرُ خبراتٍ واسعةً يمكن أن تساهم في إعادة بناء البنية التحتية السورية.
وتؤكدُ الزيارةُ مواصلةَ قطر التزامها بدعم جهود إعادة إعمار سوريا، مستفيدة من شبكة علاقاتها الدولية وثقلها ودورها السياسي الموثوق والمقدر كدولة تسعى إلى تعزيز السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.

دعم قطري ودولي

 

وتمثلُ زيارةُ سُموِّ الأمير دعمًا قطريًا ودوليًا كبيرًا لسوريا المنتصرة بعد الثورة، والمتطلعة للبناء وإعادة الإعمار، وبناء علاقات قوية وشراكات استراتيجية مع دول العالم، وفي مقدمتها دولة قطر التي وصفتها سوريا ب «الحليف الثابت للشعب السوري الذي لم يغير مبادئه وثوابته ودعمه خلال ال 14 عامًا الماضية، والحريص دومًا على توطيد السلم الأهلي والأمن والاستقرار وبناء دولة القانون والمؤسسات والتنمية والازدهار ».

سوريا الجديدة

 

وقد كانت دولةُ قطر سباقةً دومًا في التواصل رفيع المستوى مع الإدارة السورية الجديدة، ففي منتصف شهر يناير الجاري، قامَ معالي الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، بزيارة لدمشق، اجتمعَ خلالها بقصر الشعب مع السيد أحمد الشرع، وجرى خلال الاجتماع استعراضُ عَلاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، ومناقشة آخر التطورات في سوريا، وجددَ رئيسُ مجلس الوزراء وزير الخارجية موقف دولة قطر الداعم لوَحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق في العيش الكريم وبناء دولة المؤسسات والقانون.
وفي الخامس من يناير الجاري، زارَ الدوحةَ وفدٌ سوري رفيع المستوى، وعقد الوفد لقاءات منفصلة مع معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وسعادة الشَّيخ سعود بن عبدالرحمن بن حسن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع، وسعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزيرة الدولة للتعاون الدولي، وجرى خلال هذه اللقاءات استعراضُ الموقف القطري الثابت في دعم الشعب السوري الشقيق، والوقوف على أهم الاحتياجات على المستويين الإنساني والتنموي في سوريا، بينما استمع الجانب القطري للعديد من الإحاطات حول الأوضاع الحالية في سوريا، وخطط المرحلة المقبلة بالنسبة للإدارة السورية.
وكانت دولةُ قطر قد سارعت في السادس عشر من ديسمبر الماضي لاستئناف عمل سفارتها في دمشق، وتعيين سعادة السيد خليفة عبدالله آل محمود الشريف قائمًا بالأعمال. وأكدت وزارةُ الخارجية القطرية أنَّ استئناف عمل السفارة في دمشق، يأتي بعد نحو 13 عامًا من قطع كافة العَلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري في العام 2011؛ تعبيرًا عن وقوف دولة قطر المبدئي إلى جانب ثورة الشعب السوري ودعمها الثابت لمطالبه في الحياة الكريمة والحرية والعدالة الاجتماعية، وتأكيدًا على رفض دولة قطر القاطع لكافة سياسات النظام القمعيَّة بحق الشعب السوري الشقيق.

مدينة الأمل

 

وقامت سعادةُ السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزيرة الدولة للتعاون الدولي، أمس الأوَّل، بافتتاح مدينة «الأمل السكنية» لإيواء المتضررين من الأزمات وتوفير السكن الكريم للأسر النازحة شمالي سوريا، حيث تشكّل المدينة بذلك نقلةً نوعيةً في حياة مئات العائلات التي انتقلت من خيام اللجوء إلى بيوت تحفظ كرامتهم، وتوفّر لهم الأمان.

التزامات أخلاقية

 

ومنذ اندلاع الأزمة السوريَّة في مارس عام 2011، لم تتوقف دولة قطر عن مواصلة التزاماتها الإنسانيّة والأخلاقيّة والأخويّة تجاه الشعب السوري الشقيق، عبر تقديم المُساعدات الإغاثيّة إلى اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج، بأكثر من 2 مليار دولار، عبر الدعم الحكومي المُباشر أو منظمات المجتمع المدني والجمعيَّات الإنسانية والخيرية والمؤسسات القطرية المانحة.
كما أطلقت دولةُ قطر صندوقًا يعنى بالتعليم والتدريب المهني للسوريين، وتعهدت بمبلغ 100 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين الثالث لصالح الشعب السوري في الكويت عام 2015، واستنفرت جميع مؤسسات ووزارات الدولة في حملة وصفت بأنها «أكبر حملة تبرعات لنصرة الشعب السوري» في منطقة درب الساعي بالدوحة، حيث تمَّ حشد ما يقارب 330 مليون دولار ضمن حملة سميت «حلب لبيه»، فضلًا عن إطلاق العديد من المُبادرات في مجالات التعليم والتدريب المهني، بالشراكة مع منظماتٍ إنسانيةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ، بما في ذلك مبادرة لتعليم وتدريب اللاجئين السوريين لصالح 400 ألف طفل على مدى 5 سنوات، ومبادرة «علم طفلًا» التي بلغ عدد المستفيدين منها ما يقارب 985 ألف طفل سوري.

المبادئ الراسخة

 

وتنفيذًا لتوجيهات حضرةِ صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدَّى، بإطلاقِ جسرٍ جوي قطري لإغاثة الأشقاء في سوريا، توالت وصول الطائرات المحمَّلة بمواد غذائية وطبية ومستلزمات إيواء وأدوية وسيارات إسعاف إلى دمشق؛ للمساهمة في معالجة الأوضاع الإنسانية، ما يؤكد اهتمام دولة قطر البالغ ودعمها الكامل للأشقاء في سوريا.
تلك هي المبادئ الراسخة والرؤية الثابتة التي تتبنَّاها القيادةُ الرشيدةُ لحضرةِ صاحبِ السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدَّى، من منطلق إنسانيّ وعروبيّ ووطنيّ؛ تجسيدًا لروح الشهامة والمحبة والعطاء والتعاون التي هي عنوان للسياسة القطرية تجاه الشعوب الشقيقة والساعية للحرية والعدالة والتنمية والمساواةِ.. فتحية للقيادة الرشيدة التي تنحازُ دومًا للشعوب الساعية لمُستقبل أفضل، وكل الأمنيات لتعزيز العلاقات مع سوريا المُستقبل، بتحقيق كل تطلعات الشعب السوري الشقيق الذي قدَّم تضحياتٍ كبيرةً وعظيمةً من أجل هذه اللحظة التاريخية التي نعم بها بالحريّة والعزة والازدهار.

abtvxrraya