في عام 2020 شاهدنا الفيلم الرائع والمؤثر «The Father»، الذي تناول مرض الزهايمر بأسلوب مبتكر وغير مسبوق في السينما، من خلال شخصيته الرئيسية التي تقمّصها المبدع «أنتوني هوبكينز» بشكل مدهش وآسر للحواس.
لقد تأثّرت كثيرًا بذلك الفيلم لأنه يلامس المشاعر الإنسانية بكل صدق، بتجسيده قصة واقعية ومؤلمة يعيشها معظم البشر، فكم هو صعب أن يعيش الإنسان حياته إلى أن يصل لمرحلة أرذل العمر، ويفقد صحته وعقله وجميع ذكرياته شيئًا فشيئًا، ولكنها مشيئة الله سبحانه وتعالى، لكي ندرك أنّنا كبشر كائنات هشّة وضعيفة، وأنّ الحياة زائلة لا محالة، وكل ما في وسعنا فعله هو أن نعبد الله مخلصين له الدين في صلواتنا وأعمالنا، ونحمده دائمًا ونفوّض أمرنا إليه، فهو سبحانه بصيرٌ بالعباد.
فيلم «ليليان هال العظيمة» الذي أخرجه «مايكل كريستوفر» هو واحد من الأفلام الدرامية الجميلة والمتميزة لعام 2024، وأيضًا يتناول مرض الزهايمر أو الخرف، وقد قامت «إليزابيث سيلدس أناكون» بكتابة النص السينمائي.
تدور أحداث الفيلم حول «ليليان هال»، وهي ممثلة مسرحية مخضرمة لم تفوّت أي عرض لها على امتداد مسيرتها الطويلة والعريقة، حيث إنها تقدّس المسرح والتمثيل أكثر من عائلتها وصحّتها وكل شيء آخر.
في إحدى الليالي وهي تحضّر لأدائها في المسرحية الجديدة المرتقبة «بستان الكرز» تجد «ليليان هال» نفسها تعاني من نوبة ارتباك وتشويش، حيث تبدأ بنسيان الحوارات والأسماء والأماكن، وبعد الخضوع للفحوصات يخبرها الطبيب أنها تعاني من أعراض الخرف.
لا تستطيع «ليليان هال» تقبّل فكرة استبدالها بممثلة أخرى رغم ضيق الوقت على موعد افتتاح المسرحية، فتحاول التمسّك بذكرياتها الباهتة، بإنقاذ مسيرتها الفنية ومركزها العريق كممثلة رائدة، وإصلاح علاقتها الفاترة بابنتها الشابّة «مارغريت»، بالاستعانة بصديقتها ومساعِدَتِها الشخصية «إديث ويلسون».
لقد أبدعت «جيسيكا لانغ» في تقمّص شخصية «ليليان هال»، فهي ممثلة مخضرمة فائزة بجائزة الأوسكار مرتين والعديد من الجوائز في السينما والتلفزيون والمسرح، وقد تأثّرت بأدائها الرائع.
«كاثي بيتس» أيضًا قدّمت أداءً جميلًا بشخصية «إديث ويلسون»، ولا أنسى بقية الممثلين، بمن فيهم: «ليلي ريب» بشخصية «مارغريت»، و»جيسي وليامز» بشخصية المخرج المسرحي «ديفيد فليمينغ»، و»بيرس بروسنان» بشخصية «تاي مينارد».
النص السينمائي كان مصقولًا بإحكام من حيث طريقة السرد والحوارات القوية، كما أنّ المستوى الفني للفيلم متميز من ناحية الموسيقى التصويرية والتصوير والمونتاج وبقية الأمور الأخرى، ومدة عرض الفيلم مثالية، وقد استمتعت بكل لحظةٍ منه، وبالتأكيد يستحق المشاهدة.