بقلم/ نادية العتيبي
لقَد قيل سابقًا إن الأم القوية هي درعك إن تَخلى عنك الجميع، وهي بصرك إن فقدت قدرتك على النظر، وهي سَمعك إن فقدت قدرتك على السَّمع، وهي صوتك إن فقَدت قدرتك على الحديث؛ وهذا ما شَهدته شخصيًا عند مقابلتي لكل من السيدات المُلهمات حمدة الهتمي، عائشة العماري، نورة المري اللواتي أطلقن مبادرة منصة أهالي التوحد، والتي تَضم الآن أكثر من خمسمئة عائلة من مختلف الجنسيات والأعراق، وقد وجدن في هذه المبادرة بيئة آمنة وداعمة لهن كأمهات ولأطفالهن من ذوي التوحد؛ وفي الحقيقة لم تَخرج هذه المبادرة إلى النور بين ليَلة وضحاها، وما نَراه اليوم من إصرار وتوعية حول اضطراب التوحد كان نتيجة رحلة طويلة من التردد والخوف وفقدان الأمل؛ فقد أشارت السيدة الفاضلة حمدة الهتمي إلى تجربتها الشخصية كأم في بداية الأمر وكيف شَكل خبَر أن طفلتها الصغيرة لديها أعراض التوحد صَدمة عليها؛ حيث بدأت تفتش عن كافة الطرق لتشَافي ابنتها سواء عبر الطب البديل أو من خلال أخذها إلى بعض الأئمة لتلاوة آيات من القرآن الكريم عليها حتى وصلت إلى نتيجة مفادها بأن اضطراب التوحد ليس اضطرابًا يُمكن التخلص منه بل يجب التعاطي مع وجوده وتقبله ودعمه، وقد أشارت إلى أننا كبشَر ألواننا وسماتنا وصفاتنا وشخصياتنا مختلفة والتوحد جزء من هذا التنوع البشري،
كما أضافت السيدة عائشة العماري بأن المسؤولية لا تقع على كاهل الأم وحدها كما يتَصور البعض بل هي مسؤولية مشتركة بين الشريكين في فهم احتياجات الطفل من ذوي التوحد والعمل على تثقيف نفسيهما بشكل دائم ومستمر؛ كما أشَارت إلى أن الوعي لا يَقتصر فقط على الزوجين بل يَمتد إلى المجتمع بأسره فالأطفال من ذوي التوحد جزء لا يتَجزأ من مجتمعنا فهم الجيل القَادم وقَادة المستقبل في كافة المهَن والمجَالات؛ كمَا أضافت السيدة الفاضلة نورة العيدة إضافة قيمة قد لا يَنتبه إليها الكثيرون وهي أنه ليس الطفل من ذوي التوحد فقط يحتاج إلى دعم نفسي بل الأم كذلك تحتاج إلى من يَشرح لها الأمر بهدوء ورويّة ويَضع بين يَديها خريطة طريق وخطة واضحة المعَالم عن كيفية التعامل مع ذاتها ومع ابنها خاصة في المراحل الأولى، حيث إنها الأكثر صعوبة وتَحديًا، وأجمل ما في الأمر بأن هذه المبادرة قد تحولت من منصة إلكترونية إلى مركز وسيتم الإعلان عن افتتاحه قريبًا، مركز يَسعى إلى أن يوسع دائرة الوعي المجتمعي حول اضطراب التوحد ويوفر أقسامًا مختلفة للأطفال وذويهم لتعلم العديد من المهارات المختلفة، والأهم بأن المركز يوفر استشارات مجانية لدعم الأمهات نفسيًا وتَقديم خطة مناسبة لهن – إن رغبَن في ذلك – من واقع خبرة وتجربة واقعية خاضتها أمهات أخريات.
وفي الختَام، لا يَسعني سوى القول إنني فخورة جدًا بوجود نسَاء قطريات مُلهمات وأمهات قَويات في دعم أبنائهن وتنوير مُجتمعهن.
Instagram:- nadia.reader