كُلّمَا أطَاعَ الإنسانُ رَبَّه وتقرب إليه، كلما ارتفع إيمانه وزاد قدره وقوي يقينه، فلا يزال الإنسان في ارتفاع وعلوٍّ ما دام في طاعة وعبادة وبعيدًا عن الذنوب والمعاصي، ولقد قيل إن إبليس رفعه الله إلى ملكوت السماوات بَعدَ أن كان في الأرض بسبب عبادته وطاعته لله، ولكنه خرج عن طاعة ربه وتكبر ورفض السجودَ لآدم عليه السلام، فطرده الله وأهبطه من السماء إلى الأرض، قال الله لإبليس {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}، وقال الله عز وجل للمؤمنين {وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، فبسبب إيمانهم وعبادتهم كانوا هم الأعلون، فهم في علوٍّ وقوة بسبب قوة إيمانهم، فضعيف الإيمان دائمًا في نزول وضعف وحزن وهم.

قال الله عن إدريس عليه السلام (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا).

وقال الله عز وجل عن الأبرار {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} يعني في جنات عالية عند ربهم ووصلوا إلى هذه الجنات العالية بسبب إيمانهم وبسبب كثرة طاعتهم فزاد إيمانهم، فوصلوا إلى خيري الدنيا والآخرة، فالمؤمنون يزيد ارتفاعهم وقدرهم عند ربهم بسبب زيادة إيمانهم ويقينهم وخوفهم ورجائهم ومحبتهم لله، وكذلك أهل العلم فهم أكثر ارتفاعًا عن غيرهم من المؤمنين في الدرجات.

قال تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} ويُقصد بالعلم العلم بالله وصفاته وأسمائه وأفعاله ثم العلم بالدين والشرع فيرتفع قدرهم في درجات الدنيا والآخرة، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي الذي سأله مرافقته في الجنة (أعني على نفسك بكثرة السجود) يعني إذا أردتَ مرافقتي في الجنة وأن تكون قريبًا مني في الجنة فأكثر من الصلاة والسجود، وقال صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي ثوبان (إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة) فكلما سجدت لله رفعك درجة وغفر لك خطيئة وسيئة، فالطاعات ترفع الإنسان درجات في الدنيا وفي الآخرة في الجنة.