قبل زمنٍ، لم يكن الحب ضروريًا قبل الزواج، في حين سادت مؤخرًا هذه الفكرة بضرورة الحب الذي أصبح شرطًا لدى الكثيرين للارتباط، هذا ما أكدته مؤلفةُ كتاب (تاريخ الزواج)، حيث أصبح هذا النموذج في التفكير سائدًا منذ نحو قرنين فقط، رغم أن الحب دائمًا ما كان يحدث، لكنه لم يكن السبب الرئيسي للزواج، أو نادرًا ما كان كذلك.
فما الذي تغيّر في ثقافتنا ووعينا الاجتماعي؟ وهل حقًا للحب ضرورة وأهمية سواء في الزواج أو مختلِف عَلاقاتنا الإنسانيّة؟
مؤخرًا بتنا ندرك أن الحب نعمة وطاقة، من يملكها لا يحتاج إلى الأطباء، فعلم (الطاقة الحيوية) يزداد انتشارًا ويزداد فَهم وإدارك معظم شعوب العالم لحقائقه التي تبدو حقيقةً علميةً، بعد أن كان مُقتصرًا على شعوب الهند وشرقي آسيا والصين.
حيث يخبرنا هذا العلم بأن جسم الإنسان، كل إنسان يحتوي على 14 مسارًا للطاقة، وهذه المسارات التي تسمّى (تشاكرات) عبارة عن منابع للطاقة تستمد أنوارها من طاقة الكون وتتركها تسبح في الخلايا الكهرومغناطيسية من هامة رأس الإنسان حتى أخمص قدميه.
هذه المنابع هي التي تمدّنا بالطاقة اللازمة لمواصلة حياتنا، وأي خلل في هذه المسارات هو الذي يؤدّي إلى مجموعة الأمراض المَوسمية أو المُزمنة.
في ذات الوقت تتفق الأبحاثُ العلميةُ مع هذا الرأي حين تؤكد أن الإنسان صاحب التفكير السلبي هو المعرّض بصورة أكثر من غيره لانسداد مسارات الطاقة.
فالأفكار السلبية تساهم في انسداد هذه المسارات، ما يؤدّي إلى تعطيل وظائف الأعضاء وعمل الخلايا، وبالتالي يتحوّل جسم الإنسان الذي يكره ويحقد أو يشعر بأن حياته خالية من الحب، إلى مرتعٍ خصبٍ لكل الأمراض العضويّة والنفسيّة.
حقيقة مُذهلة تغيّر مفهومنا عن الحب كرفاهية إلى قيمةٍ إنسانيةٍ وضرورةٍ حياتيةٍ. نعم، الحب ضرورة ليس بين الأزواج فقط، لكن بين الإخوة والأصدقاء والأقارب، بل هو ضرورة في العمل، إذ من يحب عمله يبدع وينجح أكثر من سواه، ذلك لأن الحب في جوهره عطاء، والعطاء يشمل كل فضائل المحبين من تسامح وغفران وتفانٍ وتألق روحي.
يقول أفلاطون: إن كل إنسان يصبح شاعرًا إذا ما لامس قلبه الحب. ويبدو أن سقراط أيضًا قد اتفق معه على طريقته حين قال: المرأة العظيمة هي التي تُعلّمنا كيف نُحب عندما نريد أن نكره، وكيف نضحك عندما نريد أن نبكي، وكيف نبتسم عندما نتألم.
باختصار، الحب هو شيفرة السعادة الخاصة بكل منا، وليس من الحكمة أن نتجاهله أو نعتبره رفاهية لا ضرورة، والدليل أننا لا نرى عمق الحب إلا وسط ألم الفراق.